ثقافة التمرد احيانا تكون مفيدة خاصة اذا خرجت من عباءة العقلاء ... نعم الإشكال في مجتمعنا ليس في غلاء المهور بالمعنى المباشر بل مشكلتنا في ثقافة الزواج... كيف...؟ الإشكال ان فتياتنا وشبابنا وهم اصحاب القضية الاساسية في المهور مازالوا يخضعون لثقافة الزواج التقليدية... مازال شبابنا يريد زواجا كبيرا لاتحضره عائلة الزوجين بل ان الحضور يشمل القبيلتين والاصدقاء واهل الحي والزملاء والزميلات وايضا يرتبط الزواج بانواع الطعام ناهيك عن تحضير العروس من ملابس ومجوهرات واكسسوارات واحيانا تشمل المكرمة الاسرة وخاصه الام والاب وربما الاخوة في بعض الاسر... ويصر الشاب ايضا على تغيير سيارته باخرى تناسب رؤيته لنفسه امام العروس واهلها... وايضا الشبكة في العالم كله خاتم فقط ونحن طقم كامل من الالماس والا فان علامات الاستفهام ستكون موجهة نحو كرم او بخل العريس واسرته... وغير ذلك كثير مما يمكن اعتباره سببا في اعتقاد الجميع ان هناك غلاء مهور فيما الواقع ان ثقافة الزواج لدينا تحتاج لتطوير وتحديث ولن يكون ذلك الا على يد الشباب من الجنسين... على الفتيات والفتيان اجبار المجتمع على رؤية جديدة للزواج سواء من حيث الاستعداد له بالنسبة للفتيات او نوع الحفلات وحجم المدعوين وتكاليف الحفل المبالغ فيه... وايضا من حيث نوع السكن ليس من الضروري ان يكون السكن فيلا او دورا بل ان حجم السكن الاصغر يناسب قدرة هؤلاء الشباب الاقتصادية وايضا يخلق جوا حميميا بينهم ... اتصور ان الفتيات يمكن ان يكن اللاعب الاكبر في تحريك مياه ثقافة الزواج اكثر من الشباب ولعل الوقت يكشف لنا عن حملة الكترونية جديدة تحمل ثقافة جديدة للزواج يرسم من خلالها الشباب خارطة الطريق لانفسهم مؤكدين للمجتمع ان سلوك البذخ وتكريس قيم الاستهلاك انتهيا ولن يعودا وانهم يستطيعون الزواج وفق رؤية اقتصادية لاتلزمهم بالهدايا او الحفلات او شبكة تلتهم راتب عدة اشهر ...وانهم يستطيعون صناعة ثقافة جديدة للزواج وفق رؤيتهم هم وليس نحن... تلك الحملة مكاسبها لهؤلاء الشباب افضل من حملاتهم المضادة التي تدعو لعنوسة الفتيات او عنوسة الشباب ...لان الامر ليس حربا بين افراد مجتمع بل هو ارادة شباب تستطيع ان تجد الحلول لمشاكلها وفق رؤية اجتماعي ترتكز على منظور متطور وحديث يصنع واقعه الذي يفيده ولايستسلم لعادات واعراف لااساس لها في الدين.... تمرد الشباب على اعرافنا الاجتماعية المرتبطة بالزواج قد تواجهه صعوبة في البداية ولكن سينجح متى اصبح قناعة عامة لديهم وتمسكوا به لتستمر مسيره الزواج الناجح لان ارتفاع التكاليف اثبت الواقع انه عامل اساسي في وقوع الطلاق بعد الزواج..حيث يجد الشاب نفسه ملتزما بسداد قروض كبيرة لايستطيع معها ان يعيش حياة اسرية مناسبة خاصة وان بعض الفتيات لايستطعن التعايش مع واقع اقتصادي اقل من مستوى اسرهن وايضا بعض الشباب يعيش انتكاسة اجتماعية بين حياة لامسؤوليات فيها بالمطلق ثم حياة مثقلة بالمسؤوليات والديون...حينها الطلاق يمثل مفترق الطريق للطرفين كحل بائس لواقع صنعت عاداتنا الجزء الاكبر منه...فيما شبابنا يستطيعون التخلص من الكثير منه بثقافة حديثة لزواج يناسبهم ويناسب قدراتهم الاقتصادية التي علينا التعامل معها بواقعية...