دور البنوك عندنا يأتي دائماً بالمنعرج السالب، فهي تتمتع بأرباح هائلة وضمانات ، وحماية من الدولة لكنها خارج واجب الدور المفترض منها حتى إن منسوبيها، إلا النادر منهم ، لا يحصلون على قروض منازل أسوة بما تفعله شركات ومؤسسات أخرى، وحتى تتأكد من سلبية دورها، انظر إلى مباني مقراتها التي تقع على مفاصل حساسة وحيوية في مدننا عندما تجد المبنى لا يتعدى الدورين وبدون مظاهر حضارية كالمواقف والمحيط الأخضر بينما في كل دول العالم نرى مباني البنوك الواجهة المعمارية بطرزها الفنية وأدوارها المتعددة ، وحجمها الكبير باعتبارها أحد مصادر الاستثمار.. أما ما يتعلق بالتمويل فهي تقرض الأغنياء بضمانات مشكوك في بعضها والتي غالباً ما تذهب للاستثمار في الخارج، وقد شهدنا في الأزمة المالية الجديدة كيف تضررت، وبعضها رفض الكشف عن حجم خسائره، وحتى السُّلف التي تعطى للفقراء لا تذهب إلى السكن الخاص، أو المنشآت الصغيرة، بل تُخصص للاستهلاك، وكذلك بعض التجار ممن مهمتهم متشابهة مع المقترضين الصغار، وحتى الحجج والادعاء بعدم المساهمة في صناديق الفقراء، والجمعيات الخيرية عندما يفترضون أنهم يؤدون زكاة أموالهم، وهي في الحقيقة قد تحصل المؤسسة على رُبع ما هو مفترض تحصيله لأن الغالبية لا تكشف عن أرقامها الصحيحة، وغالباً ما تتهرب بدعاوى تجيدها.. ثم لا نجد لنشاط البنوك فعلاً واضحاً في المنشآت الوطنية كمراكز البحوث أو كراسيها في الجامعات ، وإنشاء الحدائق والمعاهد التي تختص بالدراسات المالية والإدارية، وتمويل مشكلة الإسكان للإسهام في حلها وتنوير الرأي العام عن المخاطر التي قد تحدث كما هي حالة تدهور الأسهم والتي ساهمت في خلق أزمتها، أو ابتعاث وتدريب قوى وطنية لديها قابلية النجاح لكن تعوقها ظروفها المالية الصعبة، ومصادر تمويلها.. صحيح أن الدولة هي الممول الرئيسي للبنية الأساسية والتعليم والتدريب والصحة وغيرها، وهو طور لا بد أن يقف عند حدود إمكاناتها ومواردها، لكن للبنوك العديد من الوظائف في استراتيجية التنمية، وهي صاحبة الدور الأساسي في العالم المتقدم لكنها عندنا لا تزال مجرد صناديق جباية، وبانعدام كفاءة الأداء، والمساهمة في إبطاء التنمية لن توجد بيئة تؤسس لنجاح تنموي شامل، لأن معيار النجاح ليس المفاضلة بين شخص وآخر، أو مؤسسة وأخرى إنما الادارة الكفؤة التي تراعي دينامية العمل ودرء المخاطر، لكن بدون تعقيدات تصل إلى التشكيك والممانعة بأي جدوى اقتصادية تساهم بها هذه القطاعات المهمة والمؤثرة في دائرتنا الوطنية.. ما نخشاه أنه بانعدام التوازن بين الطبقات، أي ذهاب الطبقة الوسطى بسبب خسائرها في الأسهم وما فجرته الأزمة العالمية الراهنة، وتصاعد أسعار المواد الأساسية أن تصبح لدينا صفقات تدار خارج الأهداف الوطنية بحيث تتعدد ألوان الاقتصادات من الأبيض إلى الأسود والرمادي، الواضح والخفي لندور في حلقات الشك في قيمة بنوكنا، وهنا لا بد من وضوح الأهداف وبقيمة هذه المؤسسات ونشاطاتها ودورها العملي لأنه لا تكفي مراقبة مؤسسة النقد إذا كانت البنوك تتستر على محافظها، وكل ما يدور من نشاط لا يظهر للرأي العام..