الأيام والليالي تذهب بالأصحاب والأحبة ونودع في كل لحظة حبيبا وصديقا وقريبا، وهذا حكم الله عز وجل على أهل الدنيا والكيس الفطن من عمر حياته بطاعة الله وابتغاء مرضاته، وعمل صالحا في هذه الدار الفانية، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ان الدنيا قد ولت مدبرة وان الآخرة فقد جاءت مقبلة، ولكل منها بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فان اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل ، وان السابق في هذه الدنيا من سبق إلى الله عز شأنه بعمل صالح ، وراقب الله في كل صغير، وكبير ،وهنا أخي الحبيب جئت لأسطر هذه الكلمات القليلة ، بعد مرور ما يقارب ستة أشهر على وفاة رجل عمر حياته بطاعة الله ومرضاته ، وقضى معظم حياته في عمل من اجل الأعمال وأعظمها عند الله وهو الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر انه الشيخ محمد بن رشيد بن حسين الخثلان رحمه الله ، الذي توفي يوم الأحد الموافق 2/12/1429ه ، وودع الحياة الفانية بعد جد وكفاح وعمل دؤوب وبحث عن لقمة العيش، وعاش معظم حياته في بلدة الحريق، وهي مسقط رأسه ثم ذهب إلي الرياض وعاش فيها شيئا يسيرا ، وعاد إلى الحريق، وعمل في جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى أن أحيل للتقاعد في 1/7/1411 ه ،وقد عايشت الفقيد الغالي رحمه الله، وزاملته في هيئة الأمر بالمعروف ، فترة من الزمن حينما كانت تحت رئاسة الشيخ سعد بن ناصر العويد رحمه الله رحمة واسعة، واسكنه فسيح جناته، الذي كان أيضا فيه من السجايا الطيبة والخصال الحميدة وطيب القلب ودماثة الخلق، وإكرام الضيف ومساعدة المسكين والمحتاج ،ما تعجز عن وصفه الألسن، ثم تولى رئاسة الهيئة فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن حسن آل الشيخ ،الذي كان مثالا رائعا في خلقه وحلمه وصبره وتواضعه وطيب قلبه وكريم خصاله. لقد كان من توفيق الله ، أنني أدركت العمل مع هذه النخبة المباركة، وكان فقيدنا الشيخ محمد الخثلان رحمه الله ذلك الرجل الذي عرف الله فخافه، حيث كان حريصا على طاعة الله عز وجل، وملازمة بيوت الله والمحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها، حيث أعياه التعب، وأتعبه المرض ولم يترك صلاة ولا صياما ،كان يذهب إلى المسجد يتهادى من التعب وشدة المرض ،ومع ذلك يأبى إلا أن يحضر صلاة الجماعة في المسجد ، وهو في حالته هذه رحمه الله ، وقد نصح من الأطباء أن الصوم قد يضره وان الذهاب إلى المسجد قد يتعبه فرفض ذلك ،ولم يترك الصلاة ، ولا الصوم في رمضان إلا بعد أن أصبح عاجزا ومنهكا من المرض والتعب ولكن بقي حب الصلاة والعبادة في قلبه وهو في مرضه فدائما يسأل عن من حوله عن دخول الوقت وعن الأذان فنسأل الله عز وجل أن يجزيه خير الجزاء والإحسان وعظيم الغفران والدرجات العلى في الجنان، فقد كان نعم الرجل في دينه وخلقه واستقامته وطيب قلبه وكرمه فكان مثالا في البذل ومساعدة المحتاج ،والفقير والعطف على اليتيم والأرملة، وهذا لم يمنعه من ان يكون اجتماعيا مع الناس مرحا مع الصغير، والكبير نسأل الله ان يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته، وان يجعل درجته في عليين . *إمام وخطيب جامع والدة الأمير عبد العزيز بن محمد بن عياف آل مقرن بالحريق