أضاء خادم الحرمين الشريفين شعلة الحوار الوطني كفعل يجب أن يتم ترسيخه وتفعيله في أوساط المجتمع المحلي عبر إقراره إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. الرؤية السامية خلف ذلك التوجه أتت برغبة التحفيز والحث على إشاعة ثقافة الحوار وتقبل الرأي الآخر، وتوفير الإطار والبيئة الملائمة الداعمة للحوار بين أفراد المجتمع وفئاته بما يحقق المصلحة العامة. المركز أعلن عن جملة أهداف منها الإسهام في صياغة خطاب الوسطية والاعتدال من خلال الحوار البناء ومعالجة القضايا الوطنية من اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية وغيرها وطرحها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته وترسيخ مفهوم الحوار وسلوكياته ليصبح أسلوباً للحياة ومنهجاً للتعامل مع مختلف القضايا، وتوسيع المشاركة لأفراد المجتمع وفئاته في الحوار الوطني وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني بما يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية وتعزيز قنوات الاتصال والحوار الفكري مع المؤسسات والأفراد في الخارج. البعض يرى بأن صوت الحوار لم يعد كما كان ويُطرح سؤال هل خفت الحوار أم أن الذي خفت هو الإثارة الإعلامية التي كان يحدثها الحوار؟ إن نقص الإثارة قد يكون تطوراً إيجابياً وليس سلبياً، كما يظن ؛ فعلى سبيل المثال الحوار الفكري الثامن المتعلق بالخدمات الصحية ، يوجد ضمن محاوره قضايا فكرية تتعلق بعمل المرأة والاختلاط والتأمين الصحي والتبرع بالأعضاء وغير ذلك من القضايا، التي كان الحديث عن بعضها قبل سنوات يحدث إثارة لا حدود لها. ما لاحظتُه هو أن الناس أصبحت تتحاور حول هذه القضايا بكل هدوء ودون تشنج، بل لاحظت تجاوز كثير من هذه القضايا لدى غالبية المشاركين. كثير من القضايا التي طرحت في السابق وكانت محل الإثارة وتبادل الاتهام والتعصب مع طرف ضد الآخر ، نراها حالياً تناقش وتتبادل بهدوء واضح وتفهم أكبر من مختلف الأطراف، مما يعني أننا أصبحنا نتحاور مع تشنج وتعصب أقل حدةً. هذا تطور نوعي في تقبل الرأي الأخر وعدم مصادرته ومحاكمته ... مركز الحوار الوطني ركز في الفترة الأخيرة على نشر ثقافة الحوار والتدريب عليها ضمن مختلف الأوساط، ولعل رعاية خادم الحرمين لأكبر ملتقى حواري تدريبي يشارك فيه عدد من الوزراء وأصحاب المعالي، لدليل على أن الحوار متواصل وبمنحى تثقيفي تأسيسي عبر التدريب والإنتشار، وتأكيد على أن خادم الحرمين ماض في توجهاته التي أعلنها مراراً بدعم الحوار على مختلف الأصعدة. لقد احتفلنا قبل أيام بذكرى البيعة الرابعة لخادم الحرمين الشريفين، ولعل هذا اللقاء يؤكد ما أشار إليه كثير من المراقبين الذين تحدثوا بهذه المناسبة، من استحقاق خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، لقب رائد الحوار ومطلق عنانه، على المستوى المحلي والعربي والعالمي.