مضى نحو سبعين عاماً وأكثر، منذ أن بدأت المملكة في تحديد ملامح سياستها ونهضتها التعليمية، ووضع الإطار الكامل لها؛ لتنمية القوى البشرية، ودعم الكفاءات العاملة بذوي الخبرة والتخصص، والأخذ بالأساليب المتقدمة في طرائق الإدارة والتقنية، وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية محط اهتمام كبير لدى القيادات والمسؤولين السعوديين والمهتمين بشؤون التعليم والابتعاث في الخارج، وبرعاية ملكية خالصة بدأت منذ عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وأمتدت لتصل إلى ما وصلت إليه الآن من تطور ورقي بفضل رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز. فكانت الولاياتالمتحدة أحد أهم المصادر الأساسية للابتعاث إلى الخارج بل أهمها على الإطلاق. وكانت الملحقية دائماً همزة وصل لمبتعثيها بين جهات الإيفاد المتعددة، الذين ابتعثوا منها بالمملكة، والجامعات والمؤسسات التعليمية التي يدرسون فيها بأمريكا. اختلف دور الملحقية على مدى السنوات وفقاً للدور الذي كانت تقوم به، وكان التركيز في بعض الأحيان على الشأن الدراسي والإشراف على المبتعثين والاقتصار على الناحية التعليمية عندما تطلب الأمر ذلك. ولقد تبين من التجربة الأهمية القصوى للاهتمام بالشق الثقافي والتعامل معه بصفته المسمى الحقيقي لما ينبغي أن يكون عليه دور الملحقيات. فالملحقية الثقافية لا ينبغي أن يقتصر دورها فقط على الإشراف على المبتعثين أكاديمياً، وإنما لابد أن يتجاوز ذلك أيضاً إلى ما ينبغي أن نسميه تمثيلاً حقيقياً للمملكة في مجالي الثقافة والعلوم. ولأن مبتعثينا هم في واقع الأمر رموز ثقافية وحضارية لها دورها الحقيقي والبناء في تحقيق تواصلها مع المجتمع، والتفاهم مع فئاته، فقد أصبح من مهام الملحقية الأساسية الاهتمام بالمبتعث من هذا المنطلق والتعامل معه لكونه احد الرموز الثقافية التي تمثلنا في الخارج. ويصل عدد المبتعثين والمبتعثات الذين تقوم الملحقية بالإشراف عليهم حالياً نحو عشرين ألف مبتعث، وهم يمثلون ثلث إجمالي عدد المبتعثين السعوديين الموفدين من قبل المملكة للدراسة بالخارج، وهذا ما يؤكد أهمية الدور الذي تقوم به الملحقية الثقافية السعودية بأمريكا من أجل استيعاب هذا العدد وتلبية احتياجاته. لا شك ان الملحقية الثقافية بهذا الدور الذي تقوم به انما هي تقوم بتنفيذ سياسة الدولة ورؤيتها الطموحة نحو الابتعاث لأمريكا، وهي تقدر مسؤولياتها ومسؤولية ابنائها وبناتها المبعثين والمبتعثات والدور الذي يقومون به كطلاب علم وسفراء يمثلون بلادهم ويعبرون عن وجهها الحقيقي، ويساهمون في تحقيق التفاهم والتواصل البناء بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدةالامريكية. * الملحق الثقافي السعودي بأمريكا