لا أفضل من التعامل مع الرجل الذي هو من نفس مجتمعي وديني يعيش وفق عاداتي وقيمي، لكن ماذا لو كانت الثقافة المجتمعية هي سبب اضطراب علاقة المرأة بالرجل وتحول هذا الرجل ومفاهيمه حيال المرأة؟ هنا يكون الخطاب تفسيراً للإجابة. للأسف فإن المرأة في عقول بعض رجالنا ما تزال: امرأة (ذات جسد جميل)، لا يعلم ما هي قدراتها ومواهبها لذلك هو يختبرها ويحاسبها وفق مفهومها الجسدي، ولا يهتم إذا هي عاقلة أم مفكرة، ولا يعلم كيف يحترمها كإنسان وهبه الله تعالى العقل، وقد تكون تلك الجاهلة أكثر جاذبية له من تلك التي تفكر وتساهم في تنمية مجتمعها مساهمة تفوق الرجل نفسه، متناسياً أن جهل المرأة في هذا العصر هو دمار لحضارة الأجيال القادمة. والأدهى والأمر حينما يتجرأ الرجل ويظن بأن أيما امرأة خرجت من منزلها لعلم أو لعمل فإن له الحق بأن يتعرض لها خبثاً ويدعي أنها هي من تريد ذلك، وقد يصب عليها وابلاً من الألقاب الجارحة! دون أن يفكر بأن الخلل الذي في مفاهيمه تجاه المرأة هو ما أدى به إلى هذا السلوك المشين. وتفاقم الحال بنا، حينما وقف المجتمع صامتاً عن هذه التصرفات فمحاولات الثقافة المجتمعية هي محاولة المنع أكثر منها محاولات علاج للموقف. وإذ أن الفضيلة من الصعب التحلي بها ويسهل على صغار النفوس اجتراء الشر والتمثل به خير تمثيل، فإن انتشار أمثاله كان سهلاً يسيراً، فأصبحنا نعاني انتشار هذا النموذج غير السوي بمبرراته كانتشار السرطان في الجسد! فهل وصلنا إلى ما وصلنا إليه من سوء فهم الرجل لكيفية احترام المرأة ومعاني الوصاية بها..؟، هل كان منبعه إثبات نظرية أن المرأة مكانها المنزل؟ أم كان منبعه أن المرأة التي خرجت للعمل هي بدون حصانة مجتمعية تحميها..؟، ونسوا أن النساء شقائق الرجال؟ أم أن التربية كانت تتجاهل تعريف كيفية تعامل الرجل الفاضل مع المرأة أياً كانت، وكيفية تعامل المرأة الفاضلة مع الرجل أياً كان؟ قد يقول القائل: إن خروج المرأة فيه شرٌ عظيم، ورغم أن التعميم خطابه عقيم، السؤال هو: لماذا قدمنا السلبي قبل الإيجابي؟ هل لسوء التأسيس؟ هل لأننا نوهم المرأة بأنها لن ولن تختلط برجل رغم أن الحقيقة أنها قد تضطر للتعامل مع الرجال مباشرة؟؟ وقد تضطر إلى الرحيل إلى بلاد المرأة فيها هي الكادر البشري الفعال في اقتصاد ذلك البلد، فكيف تتصرف وقتها؟، من يعرف! كثير من فتياتنا نشأت على أننا في مجتمع كل من فيه ملائكي وأنها لن تتعرض للمجتمعات الأخرى ثم تفاجأ مع الوقت وتحول الحياة وتطورها أن هناك رجالاً في حياتها ولا بد من أن تتعامل معهم.. ثم يفاجئونها بأن لا يرون منها سوى شكلها الخارجي، وهنا تدرك أنها تنقصها الكثير من المهارات الاحترازية للتعامل مع الرجل، لأنها تعيش حياة بعيدة عن الواقع في منزل يحافظ على أن المرأة لا تختلط برجل وينسى هذا المنزل ضرورة أن يعدها نفسياً وعاطفياً وعقلياً في حال اختلطت بالرجال.! نحن في مجتمعات لا يمكن أن تعزل المرأة عن الرجل لأن من بيننا الطبيبة والممرضة والمصلحة الاجتماعية والمحاسبة والمترجمة وكثير من المهن التي أصبحت لصيقة بالمجتمع. لماذا لا نعترف بأن المرأة ستختلط يوماً بالرجال ثم نعدها لذلك؟ ونربيها فعلياً (وليس نظرياً في الكتب) كيف تغض البصر، تخفض الصوت، تحسن الأسلوب، تحسن التصرف، تدافع عن نفسها. لماذا لا نعلمها كيف تضع للرجال حداً لا يتجاوزه معها قولاً وفعلاً!. أعتقد أن تعامل الرجل مع المرأة كزميلة عمل هو متغير جديد علينا وتم نكرانه وصده حتى وصلنا إلى إساءة تقدير المرأة بشكل ملحوظ، لذلك علينا أن نهتم في إعادة تأهيل الفكر الحالي والتأكيد على أن المرأة هي الأم وهي الأخت وهي الخالة كما في تربية رسولنا الكريم لرجال مجتمعه، وأن نغرس بأن كل امرأة لها أن تحقق ذاتها اجتماعياً، وأن نتعمد بأن يكون خطابنا دوماً تجاه المرأة خطاب عقل إلى عقل.