أعاد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله أول من أمس الاثنين ذاكرة أهالي الاحساء 99 عاماً إلى الوراء، فإصدار مجلس الوزراء قراره بنقل ملكية موقع عين نجم بالاحساء إلى البلدية وتحويله إلى متنزه عام تتولى الهيئة العامة للسياحة ولآثار الاشراف على المواقع الأثرية فيه، هذا القرار الكريم أعاد للذاكرة قرار والده المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- حين أمر بعملية ترميم وتحويل موقع العين إلى منتزه وذلك حين استعاد الاحساء من الأتراك سنة 1331 ه. ورفع المهندس فهد بن محمد الجبير رئيس بلدية محافظة الاحساء شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على قراره الكريم بنقل ملكية موقع عين نجم للبلدية مؤكداً على أنه أيده الله عود المواطنين في جميع مناطق مملكتنا العزيزة على تلمس الجوانب التي يحتاجها المواطنون، كما رفع شكره لصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز وزير الشئون البلدية والقروية وإلى سمو نائبه، مشيراً إلى أن أهالي الاحساء سينعمون بالاستفادة من المنتزه بعد فترة طويلة من فقدانه. وأضاف أن المنتزه سيكون مفتوحاً أمام المواطنين بعد عام، وسيضم الألعاب والمسطحات الخضراء والمواقع التي يتطلبها الجميع، وفيما يتعلق بالعين الكبريتية التي كانت موجودة في المنتزه والمواقع الأثرية شدد الجبيرعلى أنه سيتم التنسيق مع الجهاز التنفيذي لجهاز التنمية السياحية والآثار بالمحافظة. تاريخ عين نجم وعين نجم تلك العين التي كانت علامة بارزة في تاريخ الاحساء ماضيها وإلى وقت ليس ببعيد، حيث كانت الناس تأتيها بأعداد كبيرة من مدن وقرى الاحساء ومن شتى مدن المملكة، فكانت متنزهاً عاماً،ومكاناً للاستشفاء بعد الله بمياهها الكبريتية. آثار عين نجم التاريخية تعود إلى العام 1117ه ويشير المهندس خالد بن احمد المغلوث، أن اسمها يعود نسبة إلى موقع سقوط نيزك كما هو شائع لدى الكثير من الناس وقيل ان التسمية تعود إلى اسم الشخص الذي حفرها في القرن الحادي عشر واسمه نجم بن عبيدالله بن غرير بن عثمان الخالدي، وقيل انه كان أمير الحج عام 1117 ه. والكثير من الشعراء وظفوا الشعر للتعبير عن مكانة هذه العين التي كانت تسقي المزارع وتعالج العظام ومن بين أولئك الشعراء الشاعر أبو بكر الملا في وصف حرارة ماء عين نجم سنة 1255ه، وقال: يا عين نجم فقت آبار الحسا بحرارة وبخار ماءٍ يصعد زنت البلاد لأن فيك دلالة عظمى على توحيد رب ٍيعبد وكان موقع عين نجم مكاناً لتوديع الحجاج المغادرين للأماكن المقدسة، وكذلك مكانا لاستقبالهم فكانوا يقيمون فيها يوماً كاملاً، ويؤكد المؤرخون أنها كانت مكاناً لتجمع الحجاج القادمين من ايران والعراق وباكستان والهند ومن دول الخليج وهو في طريقهم لأداء مناسك الحج قبل أكثر من قرن ، فكان هذا التجمع يتحول إلى تجمع تجاري واقتصادي عبر اقامة بعض الاسواق الصغيرة. مدخل المتنزه كما بدا ظهر يوم أمس ويشير المؤرخون إلى أن أهالي الاحساء بايعوا حكام الدولة السعودية الأولى سنة 1212 ه عند عين نجم، وفي سنة 1308 ه نزل الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود في عين نجم عندما جاء الاحساء، وكان يرافقه ابنه الملك عبدالعزيز والذي كان عمره آنذاك 12 سنة، وفي عام 1331 ه قبيل فتح الاحساء وصل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن إلى عين نجم وأناخ ركابه مع إخوانه وأبناء عمومته ورجاله، وأخذ يرتب الأمور لفتح الاحساء، وعندما استرد الملك عبدالعزيز الاحساء أعاد بناء العين وعمل فيها تحسينات، وكان الأتراك الذين سيطروا على الاحساء فترة من التاريخ انشأوا مستشفى صغيرا بالقرب من عين نجم ليكون كمصحة لجنودهم للاستفادة من مياه عين نجم الكبريتية، كما أقاموا في القرن الحادي عشر قبة على نبع العين كما انشأوا حمامات للاستجمام والعلاج. وعين نجم أسم ضارب في عمق التاريخ، ورغم قدمه عين نجم لم تعد موجودة في وقتنا الراهن إلا أن الاسم بقي حياً، بل إنه أطلق على أحد أهم واكبر المخططات البلدية في الاحساء، حيث أطلق على مخطط الدوائر الحكومية التي تضم الكثير من مباني الجهات الحكومية ومنها مقر المحافظة الجديد والبلدية وغيرها في المنطقة التي تربط مدينتي الهفوف والمبرز، مما يعكس القيمة التاريخية لهذا الاسم. فرحة أهالي الأحساء اهالي الاحساء عبروا أمس الأول عن مشاعر الغبطة والفرحة بالقرار الذي سيضيف للأحساء رئة جديدة تتنفس من خلالها، ولاسيما وأن الاحساء تعاني من نقص شديد في الحدائق والمنتزهات العامة. ورفع المواطنون والمسئولون شكرهم لخادم الحرمين الشريفين على هذه المكرمة لأبنائه المواطنين، وأوضح الاستاذ سعد الجديدي " مدير مدرسة " أنه شعر بالسعادة الغامرة فور سماعه بالخبر، معتبراً أن إعادة الروح لهذا الموقع بمثابة إعادة نبض الحياة لجزء عزيز من واحة الاحساء، ورفع شكره للمليك الذي عود الجميع على إدخال السرور والبهجة لنفوسهم.