على الرغم من رفض بعض الجمعيات والمؤسسات الحكومية والمدنية في المملكة لتزويج الفتيات القاصرات، إلا أن الجدل لا زال قائماً حول عدد من حالات زواج شهدتها المملكة –ولا زالت- لعدد من القاصرات في السن من رجال أكبر منهن في العمر. ويرى الكثيرون ضرورة تحديد الفارق العمري بين الزوجين، مؤكدين على أنه من غير المنطقي أن تتزوج فتاة في العشرين من عمرها رجلا يبلغ عمره سبعين عاماً. في البداية، دعت عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين جميع الأسر التي تنوي تزويج أطفالها القصر إلى اتقاء الله في دينهم، مؤكدة على أن تزويج القاصرات مخالفة لاتفاقية حقوق الطفل، مشددة على ضرورة إنشاء قانون يحدد سِن الزواج، وأن أفضل سن للزواج بعد بلوغ سبعة عشر عاماً. ورفضت تزويج الفتاة وهي قاصر، معللة ذلك إلى أنها لا تستطيع أن تدرك شرط الزواج (الإيجاب، أو الرفض)، مضيفة: "من الطبيعي أن يختار الولد وكذلك الفتاة شريكهما في الحياة، لا أن يتم التزوج والفتاة قاصر لا تستطيع أن تقول رأيها لتجد نفسها في النهاية في بيت زوجية لم تختره". من جهته، أوضح رئيس المحاكم العامة في محافظة الخبر الشيخ الدكتور صالح بن عبدالرحمن اليوسف أنه يحق لأم الفتاة أن ترفع دعوى قضائية إن أرادت أن تفسخ عقد زواج الطفلة. وأكد على أن تزويج الأطفال القصر الذين لا يدركون المسؤولية يعد مخالفاً للشرع ولاتفاقيات "حقوق الطفل الدولية" التي وقعت عليها المملكة، مشدداً على عدم تزويجهم. وبين أن الضابط الشرعي القائم على حق القبول أو الرفض هو الأساس في قبول الزواج واثبات صحة عقد النكاح"، مرجعاً ذلك إلى أن طفلة عمرها 12 عاماً أو أقل قد لا تعلم وتدرك على ما هي مقبلة عليه أو حتى وافقت به". وعن تفاصيل عقد نكاح الطفلة "آمنه" أوضح أنه صدر من المحكمة العامة بالجبيل، وأن مأذون الأنكحة الذي سجل عقد النكاح مقرب من عائلة الطفلة، مؤكداً على أن أبواب المحاكم مفتوحة للجميع، وأنه يحق للأم أن تتقدم للمحكمة العامة بالخبر بطلب فسخ عقد قران ابنتها (آمنة)، خصوصاً إذا كانت تملك الأوراق الثبوتية على بطلان هذا العقد سواء أكانت منفصلة عن الأب، أو حتى على ذمته. وشدد د.اليوسف على مأذوني الأنكحة بعدم كتابة أي عقد إلا بعد استيفاء الشروط الشرعية، وأخذ موافقة الزوجة، والتأكد بأنها هي فعلاً الزوجة وليست أخرى (بديلة)، داعيهم إلى مراعاة الله في السر والعلن. ولفت إلى أن هناك آباء يتحايلون على مأذوني الأنكحة عبر تغيير البنت التي تتحدث إلى المأذون، وأن البيانات التي تصل إليهم في عقد النكاح تفتقر وتخلو أحياناً من العمر والبيانات الشخصية التفصيلية عن الزوجة، مشيراً إلى أن المحكمة تضطر إلى إحضار الزوجة والتأكد من موافقتها، مؤكداً على أن الموافقة هي الأصل، ولا يصح العقد بدونها. وأرجع الشيخ د.اليوسف أهم أسباب زواج الأطفال القصر إلى الفقر والرغبة في التخلص من الأعباء المالية للبنات في سن مبكرة أهم الأسباب، وإلى وفاة احد الوالدين أو كلاهما، إلى جانب الانفصال بين الزوجين، خصوصاً وأن كثيرا من الزوجات لا يرغبن في تحمل مسؤولية وتربية بنات ضراتهن، مشيراً إلى أنهن يحاولن التخلص منهن بأي وسيلة كانت حتى وإن خالفت الشرع والعرف الإنساني. إلى ذلك طالب ناشطون حقوقيون بضرورة سن قانون يجرم تزويج القاصرات.وقالت الدكتورة حسناء القنيعير: "إن قياس تزويج القاصرات بزواج الرسول من أم المؤمنين عائشة أمر خاطئ، فهو الرسول وهي أم المؤمنين عائشة، كما أن زماننا يختلف عن ذلك الزمن". يذكر أن هناك دراسات تقوم بها وزارة العدل، تهدف إلى تقنين زواج القاصرات في المملكة، والبحث في السن القانونية لزواج الفتيات.