في خطوة ليست مستغربة على وزارة الثقافة والإعلام قامت مشكورة بتكريم رواد الصحافة المحليين ممن أسسوا الصحف والمجلات والدوريات أو رأسوا تحريرها أو ساهموا في تطويرها أو ساهموا في تطوير طباعة الصحف من الرعيل الأول. لا أقول ذلك مجاملة للوزارة وإنما لمعرفتي بسعيها الحثيث في أكثر من اتجاه ثقافي وإبداعي جعلنا نتفاءل بأن تواصل مشوارها الثقافي بشكل مهني.. وأبارك للمكرمين التكريم وهم أهل لذلك. ولكن لي عتب كبير على الوزارة! أرجو أن تفتح صدرها وأن تتمعن في هذا التقرير. إذ كيف سقط من قائمة التكريم هامات شامخة في عالم الصحافة والأدب. أنا متأكد أن كثيرا من القراء استغرب مثلي خلو قائمة المكرمين ولم أر بينهم الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الملحوق والأديب سعد البواردي. فكيف بهما وبأبنائهما. أما الشيخ عبدالله الملحوق فقد مرت ساعة على مماته رحمه الله ومن حقه علينا أن نحفظ له أسبقيته. أما الأديب سعد البواردي أطال الله في عمره فحي يرزق وأتمنى أن ننصفه وهو بيننا. أنا هنا لا أؤرخ للرجلين ولن أقتفي تفاصيل حياتهما ولا مناقبهما. ولن أُعدد مناصب الشيخ عبدالله الملحوق التي تسنمها. ربما أن تاريخ الملحوق الدبلوماسي غطى على تاريخه الصحفي ولكن ذلك يجب أن لا يحدث عندما نتناول حقبة مهمة من تاريخ صحافتنا تتناول الرواد ثم يسقط بعضهم سهوا أو جهلا. وللحقيقة فلست أجد عذرا للفريق الذي أغفل تكريم الشيخ عبدالله الملحوق رحمه الله أو للأديب سعد البواردي لأن أسبقيتهما موثقة. وهذه بعض شواهد على أسبقية الشيخ عبدالله الملحوق وريادته في عالم: • نشر الشيخ حمد الجاسر في مجلة العرب (نوفمبر 1982م) عن صحيفة أخبار الظهران التي كان الشيخ عبدالله الملحوق رئيس تحريرها. وكذلك ذكر الجاسر أن الشيخ عبدالله الملحوق أسس شركة الخط للطباعة والنشر. • كما جاء في كتاب مذكرات وذكريات في حياتي للإستاذ عبدالكريم الجهيمان أنه أسس صحيفة أخبار الظهران بالتعاون مع الشيخ عبدالله الملحوق. ومن السهولة الحصول على هذه المعلومات من موقع الجهيمان الإلكتروني. • كما وثق الأستاذ محمد عبدالرزاق قشعمي في محاضراته وفي كتابه «البدايات الصحافية في المملكة العربية السعودية» توثيقا لبدايات صحيفة أخبار الظهران. وبرغم أنه ذكر خطأ أن عبدالكريم الجهيمان كان رئيس تحريرها. يتضح من صورة العدد الأول المرفقة أن رئيس تحرير صحيفة أخبار الظهران كان الشيخ عبدالله الملحوق بينما كان عبدالكريم الجهيمان مديرا التحرير. • الأستاذ سمير مرتضى أورد في مدونته ما نصه: تتمثل ريادة الملحوق في الأوليات التي قامت على يديه في عالم الطباعة والنشر .. فقد أسس مع عبدالعزيز القصيبي وعبدالله أبوعايشة أول مطبعة في المنطقة الشرقية وهي (مطابع شركة الخط للطبع والترجمة والنشر) التي أسسها بمدينة الدمام عام 1373 ه1954 م ثم أصدر وترأس تحرير صحيفة الظهران وهي (جريدة أسبوعية عربية جامعة ) صدرت في الدمام كل خمسة عشر يوما مؤقتا وذلك بتاريخ 1 / 5 / 1374 ه الموافق 26 / 12 / 1954 م ثم صارت تصدر يوم الجمعة من كل أسبوع وتعتبر أول صحيفة عربية تصدر في المنطقة الشرقية – اذا استثنينا نشرة قافلة الزيت التي كانت تصدرها شركة أرامكو وصدر عددها الأول في شهر صفر سنة 1373 ه - وكانت جريدة الظهران تطبع في بيروت مؤقتاً لمحدودية إمكانيات مطابع شركة الخط ثم قام الملحوق بتطوير المطابع فأحضر مطبعة من بريطانيا وعمالة من لبنان ونجح في طباعة الجريدة فى مطبعة شركة الخط من العدد (13) في 15 / 12 /1374 ه 4/8/1955 م وقد أصبح اسم الجريدة أخبار الظهران من العدد السابع الصادر في 15 رمضان 1374 ه الموافق 7 مايو 1955م. • كتب الدكتور ناصر الصانع بصحيفة الرياض العدد 13250 بتاريخ 30 سبتمبر 2004م مقالا بعنوان عبدالله الملحوق عاش سفيرا بقلب صحفي. وقد جاء في المقال: السفير عبدالله الملحوق يعد من اوائل الصحفيين في المملكة العربية السعودية اذا سعى الى تأسيس صحيفة سعودية داخل الوطن من خلال انشاء مطبعة الخط تمهيداً لجعلها مطبعة للصحيفة التي أسسها باسم الظهران ثم اخبار الظهران عام 1374ه، ولكونه من المساهمين الأوائل في تأسيس صحافة الأفراد ثم صحافة المؤسسات فيما بعد ولدوره الوطني في تأسيس الصحافة في ذلك الوقت المبكر فإننا نطلع القارئ الكريم في مناسبة اليوم الوطني الذي احتفلنا به قبل أيام - على تجربة وجهد المؤسسين الأوائل في عمل الإعلام وعن البدايات الصعبة التي عاش الشيخ الملحوق جزءاً منها حيث كان يعد مادته الصحفية لجريدة الظهران داخل الوطن ثم يسافر الى بيروت ليطبع العدد هناك شهرياً، ثم سعى الى اختصار تلك المرحلة من خلال انشاء مطبعة الخط في الشرقية التي مكنته من طبعة اخبار الظهران داخل الوطن وللدور الوطني الإعلامي الذي قام به الشيخ عبدالله الملحوق فإننا نطلع القارئ على تلك التجربة الإعلامية المبكرة. • أما الأستاذ عبدالرحمن الشبيلي في كتابه أعلام بلا إعلام الجزء الأول الطبعة الأولى مارس 2007م فقد تناول سيرة عبدالله الملحوق بما في ذلك تأسيسه لأول مطبعة في المنطقة الشرقية - حسب ما أورده الكاتب - وهي شركة الخط للطبع والترجمة والنشر في مدينة الدمام. يقول الأستاذ الشبيلي: مهد قيام هذه المطابع لبدء الصحافة الأهلية في المنطقة الشرقية. حيث تعاون عبدالله الملحوق وعبدالكريم الجهيمان في إصدار أول هذه الصحف (أخبار الظهران 1/1/1374ه. • ورد في جريدة اليوم العدد 11207 بتاريخ 20/2/2004م مايلي في مقال عنوانه عبدالله الملحوق وأخبار الظهران: في 1 جمادى الأولى 1374 هجرية الموافق 26 ديسمبر 1954 ميلادية أصدر (صحيفة الظهران) كصحيفة نصف شهرية وقد كانت تطبع في بيروت حيث كان يجمع مادتها ثم يسافر كل أسبوعين إلى لبنان ليشرف على طباعتها هناك، وأسند الشيخ عبدالله الملحوق منصب مدير التحرير لزميله الأستاذ عبدالكريم الجهيمان بينما احتفظ لنفسه برئاسة التحرير، ثم استورد مطبعة من بريطانيا وعمالة من لبنان ووهب أرضا من ماله الخاص في منطقة العدامة لتقام عليها مطبعة شركة الخط التي أصبحت تطبع أول صحيفة في المنطقة الشرقية تحت اسمها الجديد (أخبار الظهران) في 15 من ذي الحجة 1374هجرية الموافق 4 أغسطس 1955 ميلادية . الجدير بالذكر أن الملحوق كان كاتبا في صحيفة البلاد السعودية – أول صحيفة سعودية - قبل أن ينخرط في العمل الصحفي كمؤسس لصحيفة الظهران. وقد حصلنا على صورة لجريدة البلاد يعود تاريخها إلى 8 مايو 1949م يتوسطها مقال للشيخ رحمه الله. ومثل ما أوردناه عن ريادة الشيخ عبدالله الملحوق يمكن أن نقوله عن الأديب سعد البواردي حفظه الله الذي أسس مجلة الإشعاع. • يقول الأستاذ الشبيلي في كتابه أعلام بلا إعلام الجزء الأول الطبعة الأولى مارس 2007م: وتبعهم سعد البواردي في إصدار مجلة (الإشعاع في محرم 1375ه). • أما الأستاذ محمد القشعمي فيقول عن مجلة الإشعاع: ان سبب صدور مجلة «الإشعاع» هو حماسة مؤسسها سعد البواردي لتحل مكان صحيفة «الفجر الجديد» ونقل قول البواردي «إن الإشعاع امتداد لذلك الفجر الغارب.. وقد جاء العدد الأول الصادر في سبتمبر (أيلول) 1955 في أربعين صفحة عدا الغلاف. وفي العدد السادس من مجلة الإشعاع كتب أول مرة من البحرين «محمد العليني» وهو الاسم المستعار لمعالي الدكتور غازي القصيبي في روضة الشعر، قصيدة بعنوان «ابتهال». وللبواردي مساهماته كذلك في تحرير مجلة اليمامة التي أسسها الشيخ حمد الجاسر. هذا عدا مساهماته في مجلات الشعر المتخصصة على مستوى العالم العربي. قد يكون هناك آخرون سقطوا من قائمة التكريم لا أعرفهم. كل ما أتمناه هو أن تقوم وزارة الثقافة والإعلام وهيئة الصحافة بتحديث قوائم رواد الصحافة، ولئن يأتي التكريم متأخراً خير من ألا يأتي.