من أجمل ما قرأت مؤخراً ، مقال لفضيلة الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل ، نشرته جريدة الرياض السبت قبل الماضي ، يتحدث فيه عن الحديث الذي ورد عن رسولنا محمد صلوات الله وسلامه عليه برواية مسلم ، بأنه لعن الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشرة والمستوشرة ، وكيف أن هذا الحديث ( كما ذكر الشيخ محمد ) ليس على إطلاقه ، فإن اللعن ورد في شأن من تعمل ذلك من أجل الفجور . وهنا لا أريد أن أدخل في التفاصيل الشرعية ، وأحيل من يرغب في نقاش هذا الجانب الى المقال المنشور والى كاتبه ، لكنني أود أن أخوض فيما يفهمه الناس وفيما يتناقلونه في مجالسهم او عبر جوالاتهم او عن طريق بريدهم الإلكتروني . ففي كل هذه الوسائط ، نقرأ كل يوم تحريماً جديداً ، مع إسنادات مخيفة تجعل الواحد او الواحدة يعتبر هذا الأمر لا بعده محرم و لا قبله محرم . ولقد حذر بعض العلماء من هذا الشأن ، واعتبروا من يروج حرمة ما لا يثق أنه محرم ، بأنه يكذب على الله ورسوله ، لكن : من يسمع ؟! إن هذه العقلية المنفتحة والرؤية الثاقبة في التعامل مع الأوامر والنواهي ، والتي يمتلكها الشيخ آل إسماعيل وغيره ، هي التي يجب أن تسود ، ليس لأنها تخفف على الناس ( وإن كان الدين في أصله يسر وليس عسراً ) ولكن لأنها تستند على وعي في الفقه وفي الإسناد وفي التعاطي مع الواقع . وكم نحن بحاجة لمثل هذه العقليات لكي نطرح ديننا للمسلمين ولغير المسلمين ، على أساس أنه دين الترغيب وليس الترهيب ، النور وليس الظلام ، التفكير وليس التكفير ، الإحياء وليس الإبادة ، الجمال وليس القبح ، الطهارة والنظافة والعبق الجميل وليس العكس .