تبقى البلديات والأمانات أكثر الجهات علاقة بالإنسان. وتتحمل في سبيل ذلك أعباء شتى لعل أقلها رضاءان لا يُدركان؛ رضا الناس ورضا المسؤولين من أمناء ورؤساء بلديات. وإن كان يحسن الظن برضا الناس وصعوبة إدراكه لتعدد الرغبات والأهواء إلا أن الرضا الأهم التحقيق هو رضا المسؤولين أمام أنفسهم عما يفترض إنجازه من مهام. وقد أصبح المواطن مع التطور الذي تشهده الدنيا أكثر حرصا ومعرفة بما ينبغي أن تكون عليه مدينته. وأكثر تطلبا للخطوات التي تحقق ذلك. ولم تعد التقليدية التي كانت تسود العمل البلدي مناسبة أو مقبولة، رغم استمرار بعض المدن في المعاناة من عدم تجاوز ذلك النمط والإصرار على حدود دنيا تتمثل في أبجديات العمل البلدي. والتفضُّل على المواطن بما هو حق له لا من فيه. "تجاوز التقليدية في العمل، واعتبار الإنسان العامل الأهم في المدينة" هما محورا الأسلوب الذي جاء به الأمير عبدالعزيز بن محمد بن عياف حين أحسن اختياره سمو أمير منطقة الرياض الذي كان يدرك أن المدينة تحتاج إلى نقلة فكرية تخرج بالرياض إلى مستوى لا يقل عن الحواضر العالمية، وإلى أن يكون المستوى الذي برز في مشروعات كبرى تشرفت برعاية سمو الأمير سلمان هو المستوى الذي يجب أن يشمل المدينة. وابتدأ سمو الأمين العمل في جبهات عدة أحسب أن أصعبها كان تغيير الفكر التقليدي داخل الأمانة. وبهدوء شروق الشمس ابتدأت المدينة تأخذ وجهها الأنضر، وسمات كانت أحق بها وأهلها منذ زمن. وأصبحت الرياض التي كان الجمال آخر ما تقارن به مع بعض مدننا أول ما تختال بها واثقة. بعيدا عن الأعمال البلدية التقليدية والتي ارتقى أداؤها، كانت هناك خطوات وخطوات.. أثار بعضها كثيرا من التساؤلات عن علاقة الأمانة بمهام قد لا تبدو أولية. إلا أن من رأى ذلك لم يدرك أن الأولية في عهد الأمانة المستجد للإنسان. وأصبح الرفع مما يستحقه من بيئة إنسانية المقومات الهدف الأسمى. هكذا أصبحت أول مرة أمانة تعنى بالجانب الثقافي فتقدم إصدارات تتجاوز الدعائية إلى العناية بتاريخ المدينة وتراثها، وتعطي المجال للمسرح أن يخطو أوسع خطواته تحت مظلتها. ولأول مرة يصبح العيد عيدين يأتلقان في مرح وحبور وبمستوى تجاوز الشعبية إلى الأناقة إلى حد أن مدنا أكثر مرحا أصبحت تغبط الرياض على عيدها، أقصد عيديها. ولأول مرة يصبح المشي في المدينة ممكنا في متعة. ولأول مرة يصبح للأحياء مراكز تجذب سكانها إليها. ولأول مرة يشتد انتشار الحدائق المحلية والكبرى لتكون الرياض الرياض. ولأول مرة يتم التعامل مع معاناة واهتمامات ساكن المدينة فيجد مؤشرا للأسعار وسوقا تعطي الفرصة للمزارعين لعرض منتجاتهم مباشرة. ولأول مرة تبهج المهرجانات وتتعدد. لا أظن أن التفاؤلات المبالغة قد ظنت يوما أن الرياض ستنال جائزة لتخضير المدينة أو للإبداع الفني أو الإداري. وما زال الكثير منتظرا، وما أظن قائمة الأوليات ستنتهي بما ذكرت. وأحسب أن فوز سمو الأمين بجائزة أفضل أمين مدينة عربية هو وسام للمدينة معلق على صدره ولنا أن نسر به وله واثقين أن المسيرة ستكون إلى الأفضل في ظل ما يلقاه من دعم ورؤية سمو أمير المنطقة. والرياض تستحق وقد أصبحت لها علامة فارقة في مسيرتها هي سمو الأمين الذي استطاع أن يحسن صنع تلك العلامة حتى لا تبقى المدينة كبعض المدن إن سئل عن علامتها الفارقة.. كانت الإجابة: بدون. د. زاهر عبدالرحمن عثمان