أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز – حفظه الله - في كلمته أمام اجتماع الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات، أن الالتفات إلى بؤر الخلاف ونقاط الاختلاف بين أتباع الثقافات والأديان قاد الذين يتعاملون من خلال هذا المنظور إلى المزيد من الاختلاف والتعصب، والرؤية إلى الآخر من منظور الاختلاف، مما أدى إلى نشوب حروب مدمرة، ذهب ضحيتها الكثير، وسالت على إثرها دماء نزفت كثيرا لم يكن لها من مبرر من منطق أو فكر سليم. وقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – أيده الله – في كلمته أمام اجتماع الحوار بين أتباع الأديان إلى أن كل ما يشهده العالم اليوم من مآس، وما يعانيه من اضطرابات، وما يكابده من مصاعب، وما يعصف به من خلافات وفتن كل ذلك مرده التخلي عن مبدأ عظيم من المبادئ التي نادت بها ودعت إليها الأديان والثقافات، فما يقاسيه العالم اليوم من فرقة وتشتت مرده تنكر البشرية لمبدأ العدالة. وقد جاء في كلمته – حفظه الله – أن الإرهاب والإجرام مما يعادي الله، فالمجرمون والإرهابيون أعداء كل دين وأعداء كل حضارة إنسانية، وما كان ليظهر الإجرام والإرهاب الذي يعانيه العالم اليوم لولا غياب مبادئ التسامح،وما تعانيه أجيال العالم اليوم من مستجدات عصرية قادتهم إلى الضياع من أسرهم وأوطانهم، في ظل انتشار الجريمة المنظمة ، وانهيار الروابط الأسرية التي أرادها الله عز وجل بين وفق سنة إلهية، تكون بين أفراد الأسرة التي أحوج ما تكون إليه من الثبات والقوة، والمسؤولية تجاه رعاية الأبناء وتوجيههم وحسن رعايتهم وتربيتهم. كما دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز – أيده الله – في ختام كلمته للمتحاورين في مدريد إلى اختيار لجنة منهم تتولى مسؤولية الحوار في الأيام والأعوام القادمة، مؤكدا – حفظه الله – قائلا: إن اهتمامنا بالحوار ينطلق من ديننا وقيمنا الإسلامية، وخوفنا على العالم الإنساني، وأننا سنتابع ما بدأناه، وسنمد أيدينا لكل محبي العدل والسلام والتسامح. وقد لقيت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – إلى الحوار بين أتباع الأديان أصداء واسعة في مختلف أقطار المعمورة، لكون هذه المبادرة الفاعلة بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات، جاءت في وقت أشد ما يكون العالم بأسره إليها، إلى جانب كون مبادرته – أيده الله – جمعت واجتمع إليها من أنحاء العالم من لم تتوفر لهم فرص الاجتماع والالتقاء من قبل، الأمر الذي يلقي بظلاله على تقارب الصف العالمي في إطار هذا التحاور العالمي، الذي عكس تفاؤلا عالميا قادما من خلال التلاقي والتشاور والتحاور على مستوى عالمي يلم الأطراف العالمية، التي لم يكن ليتسنى لها مثل هذا الاجتماع العالمي ، والمبادرة الصادقة المخلصة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – الذي باتت رسالته تجوب المعمورة بما حملته من مشاعر إنسانية صادقة، ومبادرة قائد محنك مخلص لقضاياه الإسلامية والعربية والإنسانية جمعاء. وقد وقف العالم تجاه مبادرته – حفظه الله – وفي مقدمتهم قادة العالم في مواجهة تحد مع المستقبل الذي فرضه عليهم هذا المشروع الحضاري الثقافي العالمي، والذي يضعهم أمام الكثير من مواجهة تحديات المراحل القادمة من خلال حوار حضاري ثقافي ينهض بمستقبل البشرية من خلال مسؤولية عالمية قد تكون الرحلة أمامها شاقة وطويلة ، إلا أنها ستؤتي ثمارها العالمية لما يحقق المبادئ التي تنشدها البشرية في أصقاع المعمورة من تسامح، وإخاء ، وحب للسلام. كما وقف قادة العالم تجاه هذه المبادرة العالمية من مقام خادم الحرمين الشريفين – أيده الله – موقف المراجع والمدقق والممحص، لمجريات الكثير من الأحداث العالمية التي قادت العديد من أطراف العالم إلى هوة الشقاق والصراع والاختلاف، وما نتج عن ذلك من هدر إنساني في الأرواح والأموال، وما نتج عنه من ضحايا وما سال بسبب تلك الأوضاع المتأزمة من دماء كانت تناشد الحياة، وتحلم بالسلام العالمي. إن مما يميز مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – هو الإحساس الصادق بالمسؤولية الدولية التي يجب أن تترجمها القيادات السياسية على كافة الأصعدة الدولية، التي تفرض عليها تبني القضايا الإنسانية وفقا للعدالة السماوية التي جاءت بها الأديان، والتي تحقق بدورها مصالح الشعوب التي تنشد السلام، وتسعى إلى حياة تطلب التآلف بدلا من التناحر، والأمن بدلا من الاضطهاد والتشريد، و تحلم بحياة آمنة بدلا مما تعيشه من ويلات الحروب والدمار التي تعصف بالعديد من أقطار العالم، في ظل ما تعانيه دول العالم من مضايقات وحوادث خطيرة، وعنف وأعمال إرهابية وتخريبية، وما تعانيه المجتمعات اليوم من عواصف التشرذم والكراهية والعنصرية والمذهبية والعرقية. كما تميزت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – أيده الله – بمقومات مشروع حضاري عالمي قادم يقوم على مبادئ التعاون والتسامح والاحترام لحقوق الإنسانية، والحريات الأساسية للإنسانية بما في ذلك حريات العقيدة والتعبير دونما تمييز على أساس مذهبي أو عرقي أو طائفي، ودونما تمييز أو تحيز للغة أو دين ضد دين، مما جعل هذه المبادرة الصادقة رؤية عالمية ومظلة قائد عالمي محنك اجتمع تحت رؤيتها الكثير من قادة العالم الذين اعتبروا هذه المبادرة محطة عالمية في مسيرة الخارطة العالمية في ظل ما أصبح يواجهه العالم قاطبة من ويلات لم تقدم للبشرية إلا التشريد والتخريب والتدمير وإزهاق الأرواح وإتلاف مقدرات الأوطان، فقد جاءت دعوته الفعلية الفاعلة في حوار الأديان والثقافات والحضارات، دعوة تجاوزت مبدأ الحوار إلى خطوات من التنفيذ للنهوض بهذا المشروع العادل العالمي الذي يبدد فجوات الاختلاف، ويقرب وجهات النظر العالمي، ويسد الكثير من الثغرات في المشهد العالمي، بما حمله واقع هذه المبادرة الكريمة من دعوة صادقة إلى ما فيه سعادة البشرية، والتخفيف من مآسيهم، ورؤية صادقة حكيمة تسعى إلى إيقاف نزيف الجروح العالمية التي أدمت الكثير من دول العالم، بما كرسته من صراعات وتوترات واستغلال للمواقف وخاصة تلك التي اتخذت من الأديان شعارا لها، ومبررا لها، في الوقت الذي لم تراع للأديان مذهبا ، ولا للسلام ثقافة، ولا للعدل مطلبا، ولا للمساواة مسلكا. لقد كانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله – وقفة فاعلة على مستوى الصعيد العالمي وفق رؤية قائد شهد العالم معه الكثير من مبادرات الخير والسلام والعدل والمساواة، فجاءت هذه المبادرة الكريمة من لدنه – أيده الله – قراءة جديدة لإعادة قراءة الأحداث العالمية دينيا وحضاريا وثقافيا، عبر مسار إنساني ينطلق من مبادئ ما جاءت به الكتب السماوية قاطبة، ويترجم الحقوق الإنسانية من عدل ومساواة وإخاء و تقارب، ويطمس تلك الفجوات التي أخذت تتسع على مشهد الخارطة العالمية يوما بعد آخر، مما يدفع بالبشرية قاطبة إلى هوة الصدام والصراع والحروب ومزيدا من الاختلاف والكراهية. لقد كانت هذه المبادرة صوتا من قائد عالمي أنصت إليه العالم قلبا وقالبا، فأخذ الصوت العالمي يناشد بتفعيل هذه المبادرة العالمية تفعيلا عالميا خلال الأعوام القادمة من خلال آليات تعكس ما حملته مبادرة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – من رؤى وتطلعات وضعت في أولياتها تحقيق العدالة والمساواة ورعاية حقوق البشرية جمعاء، ومحاربة دعاة الحرب والإجرام والإرهاب، والوقوف إلى جانب مصالح الإنسانية، وعدم الالتفات إلى ما أنتجته الفجوات العرقية والعنصرية والطائفية والمذهبية من احتراب وكوارث بشرية كانت من صنع يد الإنسان الذي لم يقم وزنا لقيمة دينية،ولحق إنساني بالعيش.