اختتمت أمس بجامعة الدول العربية اجتماعات الدورة 42 لمجلس وزراء الإعلام العرب الذي عقدت تحت عنوان (الملكية الفكرية في الإعلام الجديد) برئاسة وزير الاتصال المغربي خالد الناصري وبمشاركة وزراء الإعلام الأعضاء بالمجلس. ورأس وفد المملكة العربية السعودية إلى أعمال الدورة وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيى الدين خوجة. واتفق وزراء الإعلام العرب على عقد اجتماع استثنائي لمجلسهم خلال الأشهر المقبلة بحد أقصى شهر يناير المقبل لمناقشة مشروع إنشاء مفوضية للإعلام العربي والذي صدر قرار بإنشائها في الدورة السابقة للمجلس، حيث سيقوم الاجتماع بمناقشة الخطة التفصيلية لإنشاء المفوضية وتوفير التمويل الأموال اللازمة لتنفيذها. كما رفع الوزراء في ختام اجتماع دورتهم توصية إلى مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية بإعادة ترشيح أمين بسيوني رئيسا للجنة الدائمة للإعلام لفترة جديدة، حيث قامت قطر بسحب ترشيحها لرئاسة اللجنة. وقرر وزراء الإعلام تشكيل فريق عمل تناط به مهمة متابعة تنفيذ قرارات مجلس الجامعة على مستوى القمة وعلى المستوى الوزاري إعلاميا واعتماد توصيات فريق العمل المناط به مهمة وضع تصور لإدماج السياسات والأهداف التي احتواها إعلان الكويت في العمل الإعلامي العربي المشترك وكذلك اعتماد الخطة الإعلامية لتطوير التعليم في الوطن العربي وتكليف الجامعة العربية بالتنسيق مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بمتابعة تنفيذ هذه التوصيات. كما أقر المجلس الوزاري العربي وضع البرامج الإعلامية لزيادة الوعي والتعريف بفوائد الاستخدامات السلمية للتكنولوجيا وأيضا نشر الثقافة النووية والإشعاعية وثقافة الأمان بين الجمهور العربي. ودعا الوزراء العرب المنظمات والاتحادات العربية المعنية بالشأن الإعلامي التي تقوم بأعمال توثيق لجرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في أثناء عدوانها الأخير على قطاع غزة إلى موافاة الأمانة العامة بتقارير حول ما رصدته من جرائم الحرب. كما طالبوا وسائل الإعلام العربية بمواصلة كشف وتوثيق الجرائم التي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة مؤخرا وتوضيح أهمية إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب في القطاع وتنظيم أيام إعلامية للتضامن مع الشعب الفلسطيني والدعوة لعقد مؤتمر لتجميع وتوثيق جرائم الحرب الإسرائيلية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة لتكون شاهدا على سجل (إسرائيل) في ارتكاب مثل هذه الجرائم. وكان الدكتور خوجة وجه في كلمة أمام الجلسة الافتتاحية لمجلس وزراء الإعلام العرب، تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود وولي عهده الأمين إلى الوزراء معربا عن أمنيات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين لهذه الدورة بأن تكلل بالنجاح والتوفيق. وأكد في كلمته حاجة العالم العربي في ظل متغيرات عالمية تضج بالحركة والتغير إلى إعلام جديد لعصر جديد معربا عن أمله في أن يأخذ جميع المنضوين تحت مظلة الإعلام العربي بمبدأ الإعلاء من شأن قيم العمل الإعلامي العربي وأهمها المهنية والتسامح ونبذ العنف. وشدد الدكتور خوجة على أن الحوار وقبول الاختلاف في الرأي يمثلان أساس العمل الإعلامي وروحه لا سيما تأسيس قيم الحوار فيما بيننا ومع الآخر وهو المنهج الذي أخذ به خادم الحرمين الشريفين وسيلة للتحاور مع الآخر دينا وحضارة وفقا لوقائع مؤتمر مكةالمكرمة إسلاميا ومؤتمر مدريد دوليا ومؤتمر نيويورك أمميا. وأكد وزير الثقافة والإعلام التزام المملكة مساندة ما أقره مجلس وزراء الإعلام العرب من خطة للتحرك الإعلامي العربي في الخارج على عدة مراحل ولمدة خمس سنوات مشيرا في هذا السياق إلى أن المملكة التزمت تسديد التزامها المالي في هذه الخطة في سنتها الأولى 2007 كما قامت بتحويل حصتها المقررة لعامي 2008/2009 والتي بلغت أربعة ملايين وسبعمائة وخمسة وعشرون ألف ريال سعودي. ونوه بالإنجازات المهمة التي حققها مجلس وزراء الإعلام العرب عبر دوراته الماضية وما أنجزه المجلس من جملة وثائق عمل تستحق التقدير وفي مقدمتها الإستراتيجية الإعلامية العربية وميثاق العمل الإعلامي العربي ووثيقة تنظيم البث الفضائي في المنطقة العربية وغيرها من وثائق كانت بمنزلة المرجعية التي يرتكز عليها الإعلام العربي. ولفت الدكتور خوجة النظر إلى التطور الكبير الذي نزل بالمنظومة الإعلامية في الربع قرن الأخير .. وقال (إنه بالنظر إلى الإعلام اليوم نجد أن كل شيء قد تغير طعم الحياة تغير والوجوه التي ألفناها والكلمة التي طالما وقفنا ببابها). وأضاف أن الإعلام العربي الذي يحمل مسئوليته وزراء الإعلام العرب قد خرج من قمقمه وشب عن الطوق وكسر الحواجز والسدود والأفكار والفلسفات ولم يعد ذلك الإعلام الساكن التقليدي الذي هيمن عليه الأوصياء لأن العالم الجديد بعد انتهاء الحرب الباردة وحضور قيم العولمة وأفكار ما بعد الحداثة هز ما كان ساكنا وأنشأ أجيالا جديدة صنعت إعلامها الخاص بها فما عادت الأجيال العربية الحديثة لتقبل الإعلام القديم والرؤية القديمة والأحلام القديمة مهما بدت وردية. وأوضح وزير الثقافة والإعلام أن الأقنية التليفزيونية التي تسبح في الفضاء قوضت ما كان مألوفا من نظريات في فلسفة الإعلام والاتصال وأجبرت إعلامنا الهرم على أن يبحث عن إكسير الحياة وأن يعود شابا وإلا فاته الركب وحينذاك لن يلتفت إليه أحد. وقال إن الأجيال العربية الحديثة كسرت إعلام النخبة وأسست إعلاما شابا معربا عن اعتقاده بأن هذه الأجيال أسست إعلامها الذي يمشي معها في الأسواق فوجدت آلاف المدونات والمنتديات والصحف الإلكترونية والكتب الإلكترونية في الإنترنت غايتها وحلمها في عالم جديد يحق لكل من فيه أن يحلم وأن يعبر لتصبح الشاشة الزرقاء للحاسوب بداية تلك الثورة المعلوماتية التي غيرت وجه العالم كله حتى غدا عالمنا المحيط عالما رقميا يتنفس في أدبه وفنه وإعلامه رؤية عصر ليس ككل العصور. وبين وزير الثقافة والإعلام أن الأجيال العربية الصغيرة أصبحت تتلقف الخبر طازجا وجديدا فتقنية الاتصالات من أجهزة هاتفية محمولة وحواسيب محمولة منخفضة الأسعار جعلت العالم كله بين أيديهم وجعلت الشوارع العربية إلكترونية الوجه واليد واللسان ليعلن هذا الإعلام الجديد وفاة الإعلام القديم بكل وسائله وطرائفه. وأشار في هذا السياق إلى أن التغيير الذي فرضه دوران الزمن ومرور السنوات لم يكن تغييرا طفيفا او سطحيا ولكنه غار في عمق الأشياء وحين غار فيها بدل من طبائعها وعاداتها فالمعلومة التي بإمكان أي إنسان إمتلاكها وبثها لم تكن إضافة كمية فحسب ولكنها ذات أثر اجتماعي عميق. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أمس أن مفوضية الإعلام العربي التي يبحث وزراء الاعلام اقامتها قريبا "لن تقوم بدور الرقيب على الاعلام" وانها وسيلة للتعامل مع الاعلام العربي. وقال في تصريحات للصحافيين على هامش اجتماع وزراء الإعلام العرب إن دراسات مستفيضة تجريها الجامعة العربية تمهيدا لاعداد المفوضية وعرضها على وزراء الاعلام فى الاجتماع الاستثنائى المقرر قريبا. وردا على سؤال حول موقف الجامعة العربية من خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتانياهو حول القضية الفلسطينية، أكد موسى انه "موقف معيب وبه اشتراطات وخروج عن كل القواعد المتفق عليها فى العالم" سواء في مجلس الامن او في الاممالمتحدة او الرباعية الدولية أو الاتحاد الأوروبي و"هو طرح غير مقبول وغير عملي" مع الاخذ في الاعتبار ما ذكرته الدبلوماسية العالمية من ان حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية أصبح مطروحا ومسلما به من كافة الأطراف. وأشار إلى أن العالم يرفض "الشروط، والاشتراطات التي تجعل دولة فلسطين شكلا بلا مضمون وبلا روح وبلا دولة وهو امر مرفوض ولا يمكن ان نوافق عليه لاننا بذلك نخدع أنفسنا ونخدع فلسطين ونصفي القضية".