أبدت بنوك خليجية بارزة أمس، قلقها إزاء المخاطر المحتملة جراء تعثر مجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي وإخوانه السعوديتين، لكنّ هذه البنوك لم تكشف حجم الخسائر المحتملة من التعاملات مع الشركتين اللتين تعيدان هيكلة ديونهما في الوقت الراهن. وفي الوقت الذي لا تزال فيه البنوك السعودية تلتزم الصمت إزاء كشف مدى المخاطر التي تعرضت لها جراء تعثر المجموعتين ، أعلنت الإمارات على لسان سلطان ناصر السويدي محافظ البنك المركزي أن البنوك الإماراتية ستتأثر سلباً بالأزمة التي تعصف بمجموعة سعد ومجموعة أحمد حمد القصيبي واخوانه المتعثرتين في السعودية. وأكد السويدي أمس الاثنين على هامش مؤتمر عقد في أبو ظبي، إن البنك المركزي يتعامل مع الأمر وإنه قلق بشأنه ، رافضاً الكشف عن حجم تعرض البنوك الاماراتية للمجموعتين ، مكتفياً بالقول :" سيتم نشر المعلومات الخاصة بالموضوع في أقرب وقت ". و شركة أحمد حمد القصيبي واخوانه السعودية ، أعلنت نهاية الاسبوع الماضي إنها اكتشفت أدلة على مخالفات مالية كبيرة في ذراعها للخدمات المالية. وكانت البنوك في دولة الامارات العربية قد تلقت تعليمات من المصرف المركزي بالتوقف عن إقراض مجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي واخوانه السعوديتين المتعثرتين. وقال مصرفيون في أبوظبي ان المصرف المركزي أصدر تعميما الى البنوك الاسبوع الماضي يطلب منها عدم فتح اي تعاملات جديدة مع المجموعتين السعوديتين حتى اشعار اخر. وأكد مصرفي بارز في بنك الاتحاد الوطني ان التعميم في جوهره يحث على توخي الحذر , واضاف ان من غير المرجح ان يتعرض أي بنك او شركة في الامارات لمخاطر ناتجة عن هاتين المجموعتين. وتسببت مشاكل مجموعة سعد في تعثر امبراطورية يقدر حجمها بنحو 30 مليار دولار يرأسها المليادرير معن الصانع وتمثل احد أكبر حالات العجز عن سداد الديون التي تضرب دول الخليج العربية منذ بداية الازمة المالية العالمية. وفي سلطنة عمان، أثار محافظ البنك المركزي العماني حمود بن سنجور الزدجالي احتمال أن تضطر بنوك خليجية إلى تجنيب مخصصات جراء تعرضها لشركتين سعوديتين متعثرتين. وقال خلال مشاركته في المؤتمر الذي عقد أمس في أبو ظبي، إن بنك مسقط على الأرجح هو الأقل تعرضا مقارنة بالبنوك الأخرى. وكان بنك مسقط أكبر مصرف بسلطنة عمان قد ذكر أن إجمالي مستوى تعرضه للشركتين السعوديتين المتعثرتين مجموعة سعد ومجموعة أحمد حمد القصيبي واخوانه بلغ 66 مليون ريال (171 مليون دولار) وإنه سيضطر إلى تجنيب مخصصات. وبنك مسقط هو المصرف الخليجي الوحيد الذي أعلن عن تعرضه للمجموعتين حتى الوقت الراهن. وقال الزدجالي إنه ليست لديه أي فكرة بعد عن تعاملات لبنوك عمانية مع المجموعتين ، موضحاً انه حتى الوقت الراهن لا يوجد سوى بنك مسقط لكن على مستوى القطاع المصرفي قد تكون هناك تعاملات داخل البنوك. ويتوقع محللون أن يعلن عدد كبير من المصارف الخليجية في النهاية عن عمليات تعرض قد تدفعها إلى تجنيب مخصصات بسبب إقراض المجموعتين العائليتين الكبيرتين اللتين تجريان عمليات إعادة هيكلة لديونهما. وقال ل" الرياض" الدكتور رجا المرزوقي أستاذ الاقتصاد في معهد الدراسات الدبلوماسية ، أن الأزمة التي تعصف بمجموعتي سعد وأحمد حمد القصيبي وإخوانه السعوديتين ، ستخلق نوعاً من الهلع والخوف لدى المصارف الخليجية والمستثمرين أيضاً ، مشيراً إلى أن الوسط الاقتصادي يشهد حالة من الترقب حول ما إذا كان تعثر المجموعتين هو بداية لتعثر أسماء أخرى . وأضاف :" بعض البنوك الخليجية تتحدث حالياً عن تجنيبها مخصصات بسبب إقراض المجموعتين ، لا كن تقدير حجم الآثار السلبية مشروط بمعرفة حجم القروض التي منحتها البنوك الخليجية وحجم أصول المجموعتين ". وتابع :" القضية الأساسية الآن تتمحور حول حالة الهلع التي أصابت قطاع الأعمال السعودي بصفة خاصة والخليجي بصفة عامة بعد تعثر مجموعتي الصانع والقصيبي، مبيناً أن هناك ترقب حذر عن ما إذا كانت هناك جهات وشركات أخرى تواجه نفس الأزمة ، خاصة وأن حجم المخاطر التي تعرضت لها الشركات المتعاملة بشكل مباشر مع مجموعتي الصانع والقصيبي لم تتضح حتى الآن . وتوقع المرزوقي أن تؤدي حالة الخوف والهلع هذه إلى تشدد البنوك في الإقراض بشكل أكبر عن ما هو عليه في الوقت الحالي ، وعدم رغبة رجال الأعمال في ضخ المزيد من الأموال في الاستثمارات الخاصة ، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تباطؤ الحركة الاقتصادية في البلاد . أما الدكتور توفيق السويلم مدير عام دار الخليج للاستشارات المالية ، فقد أكد ل"الرياض" أن إخفاق أو تصدع بعض الكيانات الاقتصادية العائلية أمر وارد لعدة أسباب قد تكون من بينها الممارسات غير المهنية والخاطئة ، مشيراً إلى ضرورة النظر للقطاع الاقتصادي بنظرة شمولية دون التركيز على بعض تفاصيله . وتابع :" هناك أهمية بالغة في هذا الوقت إلى قيام الشركات بإعادة ترتيب بيتها الداخلي وإيجاد إدارة مختصة لمكافحة المخاطر وتطبيق حوكمة الشركات من خلال الإفصاح عن الممارسات المالية ، لافتاً إلى أن هذا الأمر يتزامن مع المتغيرات والمستجدات التي تعصف بالاقتصاد العالمي . وأبدى السويلم ثقته في الاقتصاد السعودي وقدرة البنوك المحلية على التعامل مع المخاطر السلبية التي قد تنشأ عن تعثر مجموعتي الصانع والقصيبي ، مشدداً على البنوك السعودية تتمتع بحماية ومساندة قوية من مؤسسة النقد العربي السعودي ، كما أن هذه البنوك متينة ولن تتأثر بشكل كبير جراء هذه الأزمة ". من جانبه، قال محمد العمران عضو جمعية الاقتصاد السعودية أن إعلان بنك مسقط عن حجم القروض المقدمة للمجموعتين يأتي في المقام الأول لطمأنة المتعاملين مع البنك , وصدا لاحتمالية ظهور أية شائعات قد تؤثر على تعاملات البنك , مؤكدا أن خطوة البنك بالإفصاح وبشفافية كاملة عن حجم الديون كانت خطوة " موفقة " حيث بلغت 66 مليون ريال عماني ومقسمة بين بنك مسقط في مسقط ومقره الفرعي في البحرين. وأوضح العمران أن ديون المجموعة في الكويت تعتبر مقلقة للبنوك هناك حيث تتجاوز الديون السبعمائة مليون دولار , وليس هناك مؤشرات على وجود حسابات تغطي هذه الديون . وأكد العمران في حديثه ل (الرياض) أن أوضاع البنوك السعودية مع المجموعتين تعتبر مطمئنة أكثر خاصة وأن البنوك السعودية تطلب ضمانات كبيرة وصعبة للغاية وهو ما دعى المجموعتين في الأساس للتوجه لبنوك خليجية و أمريكية وأوروبية. وقال العمران إن اللجنة الوزارية المشكلة لهذه القضية من وزارتي المالية والتجارة وهيئة سوق المال ومؤسسة النقد العربي السعودي تعقد اجتماعاتها بسرية بالغة وتقوم باحصاء ديون المجموعتين وتحاول ايجاد مخارج وحلول لهذه القضية على أن ترضي جميع الاطراف من بنوك وافراد بهدف بعث الاستقرار وسط الاسواق المالية وايجاد حل بغض النظر عن المتضرر الاكبر من هذه العملية. وأبان العمران أن الاضرار المتوقعة على القطاع البنكي في الاسواق الخليجية جراء تضرر المجموعتين او اي مجموعات وشركات اخرى لن يظهر على المدى القريب وربما يحتاج لأكثر من عامين حتى تتضح اثاره بصورة جليّة.