العرب والمسلمون بين خطابيْ الرئيس الأمريكي أوباما، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو سوف يتناقضون في ردود أفعالهم ومواقفهم، وربما استعانوا بالأول في البحث عن حل للغطرسة الإسرائيلية والتي لم تعد تأخذ همّاً للعرب، وإنما لإيران باعتبارها الدولة الثانية إسلامياً التي لديها القدرة على امتلاك سلاح نووي في حين الثلاثمائة مليون عربي يدورون في حلقات التيه، وسط خلافاتهم الداخلية التي صارت أقوى من الخلافات الخارجية حتى إن الاعتماد على الآخر بالضرورات الأساسية صار يضغط بأقوى من امتلاك السلاح.. قضية فلسطين درستها الأجيال العربية الثلاثة في المراحل الابتدائية، وحتى الجامعية ، وفي ظروف التقنيات الحديثة يأتي تعميم الحدث ليصل بأسرع ما يمكن حتى إن خطاب نتنياهو الذي أصر على ثوابت دولته لم يأت بجديد إلا ذكره قبول دولة فلسطينية مجردة من مقوماتها العسكرية، والأمنية، ولعله أكثر صدقاً من زعماء المراوغة وهذا الوضوح يجعل فرضيات الحلول العربية أن تجمد مشروعها المطروح الآن كرد فعل معنوي ولإشعار المجتمع الدولي أن العرب لن يفاوضوا على جزئيات بدلاً من كليات.. الرئيس الأمريكي أوباما لن يستعجل الحلول لأن المشوار طويل ومعقد، ومن يعتقد أنه سوف يصدر قرار معاقبة إسرائيل، أو مقاطعتها فهو يتمثل برد الفعل العربي العاطفي لأن الرجل تحكمه فرضيات عديدة من قبل الكونغرس، وكل من له علاقة بالإدارة السياسية الخارجية، ويعلو على كل ذلك المصلحة القومية التي تراعي كل الظروف ولا تريد أن تنجرّ إلى المنزلقات.. نعم سمعنا من الرئيس الأمريكي وعوداً عديدة أعطتنا أملاً بأن لا يكون كسابقيه بالانحياز التام لإسرائيل، لكنه لم يضعنا أمام خيارات المجابهة مع الحليف التقليدي، وبقراءته للموقف الفلسطيني الذي يليه العربي، واللذين ظلا ضبابيين حتى إن ما قيل عن تعدد الوجوه بين ما يقال علناً من الأوساط العربية، يختلف عنه في الغرف المغلقة مع الزعامات العالمية، وبالتالي فالأمر معلق بنا أولاً وأخيراً، لأننا تجردنا من مشروع الحرب الذي أثبت أن قوانا غير قادرة وحتى المقاومة تبقى سلاحاً لا يتوازى مع قوة إسرائيل، ومشهد أحداث غزة كشف عن المعادلة الناقصة، ويبقى طريق السلام تحكمه إسرائيل ثم أمريكا، وحتى لو أراد أوباما البحث عن شكل جديد في تحريك السلام فالقيود تظل معطِّلة.. من غير المنطقي رمي المسؤولية على الرئيس الأمريكي وحده، في نفس الوقت ليس العرب ملزمين بترضيته بفتح التعاون الاقتصادي مع إسرائيل وإغلاق السياسي ليكون نافذة لطريق سلام أعرج، وقبل ذلك كله يجب أن نتجرد من عواطفنا ونبحث في ذواتنا عوامل القصور، فنحن لا نملك قدرة الحرب لأن التجارب وضعتنا في حالة هزيمة دائمة عسكرية ومعنوية وسياسية، ولا يبدو في الأفق أن حكاية التضامن كأدنى الواجبات لها قابلية النجاح، ثم هناك من يرتبط مع إسرائيل بمعاهدات وسلام وآخرون يسعون إليها، والباقي يشترطون حلاً شاملاً أو قطيعة دائمة، وهذه المواقف المرتجّة إذا ما أضيف إليها البنية الفلسطينية المهلهلة، فإن الحلول تظل بعيدة تماماً إلا إذا حدثت معجزة، ومثل هذا الحلم تجديف بالسراب، وتبقى إسرائيل تتحدث وتفرض، والعرب يضجون بالشكوى، وهذا أكبر هزيمة لهم..