فاز الرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد السبت بالانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى، محققا انتصارا كبيرا على منافسه الأبرز مير حسين موسوي الذي ندد بشدة ب"المخالفات الواضحة" التي اعترت الانتخابات. من جهته وصف المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، الذي كان خلال الحملة الانتخابية دعم الرئيس المنتهية ولايته بصورة غير مباشرة، فوز احمدي نجاد (55 عاما) بولاية ثانية من أربع سنوات ب"العيد الحقيقي". واحتجاجا على النتائج خرج الآلاف من أنصار موسوي إلى شوارع وسط طهران مطلقين هتافات مناهضة للحكومة، في حين وقعت صدامات بين الشرطة ومناصرين لرئيس الوزراء الأسبق في عدد من إحياء العاصمة، بحسب ما أفاد شهود عيان ومراسلو وكالة فرانس برس. وأعلن وزير الداخلية صادق محصولي أن احمدي نجاد حصل على 24 مليونا و527 ألفا و516 صوتا، من أصل 39 مليونا و165 ألفا و191 صوتا تم احتسابها، بينما اعتبر 409 ألاف و389 صوتا ملغاة. أما المنافس الأبرز لاحمدي نجاد، رئيس الوزراء الأسبق الذي غاب عن الساحة السياسية طوال العقدين الماضيين ليعود مؤخرا إلى مقدمها، فحصل على 13 مليونا و216 ألفا و411 صوتا، أي ما نسبته 33,75% من الأصوات. وحل ثالثا المرشح المحافظ محسن رضائي جامعا 1,73% من الأصوات في حين حل أخيرا المرشح الإصلاحي مهدي كروبي الذي حاز على 0,85% من الأصوات، والذي اعتبر هذه النتائج "غير شرعية وغير مقبولة". وأوضح الوزير أن نسبة المشاركة بلغت 85% مؤكدا أنها نسبة "قياسية" غير مسبوقة. ولم تتحدث الوزارة عن أية مخالفات شابت الانتخابات. غير أن موسوي أعرب عن احتجاجه "الشديد على المخالفات الكثيرة والواضحة" التي اعترت الانتخابات، مؤكدا انه لن يخضع "لهذه المسرحية الخطيرة" الناشئة عنها، ومؤكدا أن "واجبه الديني والوطني يفرض عليه فضح أسرار هذه العملية الخطيرة وشرح تبعاتها المدمرة على مصير البلاد". وقال موسوي، الذي كان أعلن بعيد إغلاق صناديق الاقتراع فوزه بالانتخابات بفارق كبير، ان "الناس واعون ولن يرضخوا أبدا لأولئك الذين يصلون إلى السلطة عن طريق الخداع". ولكن موسوي وجه بالمقابل دعوة لمناصريه إلى الهدوء. وعلى الرغم من منع الشرطة أي تجمع لمناصري أي من المرشحين بعد إغلاق الصناديق، عمد الآلاف من أنصار موسوي إلى التجمع في وسط العاصمة، مطلقين هتافات مناوئة للحكومة، بحسب ما أفادت مراسلة وكالة فرانس برس. وهتف المتظاهرون "ديكتاتورية، ديكتاتورية" و"فلتستقل حكومة الانقلاب"، في حين قطع بعضهم جادة ولي العصر، إحدى اكبر الساحات في العاصمة. أما قرب مقر وزارة الداخلية فوقعت صدامات بين مئات الشبان من أنصار موسوي وعناصر الشرطة التي استخدمت القوة في تفريقهم قبل أن ينجحوا في التجمع مجددا، على ما أفاد احد صحافيي وكالة فرانس برس. وحصلت مواجهات بين الشرطة وأنصار موسوي في أنحاء أخرى من العاصمة. وهتف المتظاهرون "موسوي، موسوي، استعد أصواتنا". وعمد بعض هؤلاء المتظاهرين، وغالبيتهم من الشبان إلى إضرام النار في عدد من حاويات القمامة، من دون أن تتمكن الشرطة من تفريق المحتجين. وحذر خامنئي من اية محاولات لزعزعة الاستقرار وإثارة الاضطرابات، وقال "أدعو الشبان إلى اليقظة، أناشد أنصار المرشحين تجنب الأعمال والكلمات الاستفزازية". ومضى خامنئي بعيدا بقوله أن "الرئيس المنتخب هو رئيس لجميع الإيرانيين (...) وعلى الجميع دعمه ومساعدته"، محذرا من أن "الأعداء قد يحاولون إفساد سلاسة هذا الحدث (...) من خلال استفزازات سيئة النية". وجرت الحملة الانتخابية في أجواء من المنافسة الحادة بين المرشحين، وفي أجواء احتفالية أيضا لا سابق لها منذ انتصار الثورة الإسلامية قبل ثلاثين عاما. كما عكست الانتخابات الانقسامات العميقة بشأن مستقبل إيران بعد أربعة أعوام من رئاسة احمدي نجاد. وفي واشنطن تحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما الجمعة عن "إمكانية تغيير" في العلاقات الأميركية الإيرانية بعد الانتخابات الإيرانية، كائنا من كان الفائز في هذه الانتخابات. أما في إسرائيل، فقال داني ايالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلي انه "إذا كان هناك أمل بحصول تغيير في إيران، فان إعادة انتخاب احمدي نجاد تظهر أن التهديد الإيراني أصبح أكثر خطرا". من جهته اعتبر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (المعارضة) أن إعادة انتخاب محمود احمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية الإيرانية سيؤدي إلى "تزايد قمع المعارضين" بالإضافة إلى "مضاعفة الجهود للحصول على القنبلة النووية". واتهم المجلس الذي يعتبر حركة المعارضة الأساسية، النظام بتضخيم أرقام المشاركة "من 4 إلى 5 مرات" مؤكدا أن "أكثر من 85% من الإيرانيين قاطعوا المسرحية الانتخابية لنظام الملالي".