من المناسبات الإنسانية العالمية لحقوق الإنسان (يوم البيئة) الذي يصادف يوم الخامس من يونيو، حيث أعلنت الأممالمتحدة هذااليوم العالمي للبيئة في ذكرى مؤتمر (استكهولم) حول البيئة الإنسانية كما صادقت الجمعية العامة في اليوم ذاته على قرار تأسيس برنامج الأممالمتحدة للبيئة. وتحتفل دول العالم بهذا اليوم شعوراً منها بأهمية البيئة في حياة الناس وتعزيزاً للوعي البيئي وإدراكاً من الأممالمتحدة لحاجة البشرية الماسة لحماية البيئة والمحافظة عليها، ومنح القضايا البيئة ملمحاً انسانياً من خلال تمكين المجتمعات المحلية من العمل على تحقيق التنمية المستدامة التي تضمن تمتع الأمم والشعوب بمستقبل أكثر أماناً وازدهاراً. وقد اكدت المبادئ الإسلامية السمحة على حماية البيئة والمحافظة عليها، كما نهت عن الاسراف والتبذير في استعمال ما أنعم الله به على الإنسان من موارد بيئية، بمكوناتها الثلاثة من ماء وهواء ونبات. قال تعالى: «يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين». هذا وقد وجه خادم الحرمين الشريفين خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 1429/8/24ه بضرورة الترشيد في استخدام المياه والمحافظة على هذه الثروة الغالية والنعمة العظيمة، خصوصاً ان العديد من مناطق المملكة بدأت تعاني في الآونة الأخيرة من نقص في المياه وهو ما أثر سلباً على البيئة.. ولاشك ان المسؤولية مشتركة في حماية البيئة والمحافظة عليها.. وأن واجب تنمية البيئة وحمايتها هي صلب أمانة إعمار الأرض التي حملها الله للإنسان واستخلفه بالنهوض بها والمحافظة عليها، ونشر الخير والسلام والجمال في ربوع المعمورة.. قال تعالى: «هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها» صدق الله العظيم.. ذلك ما يتطلب استغلال مواردها من غير استنزاف او تدمير او تلويث للبيئة المحيطة بها، ومراعاة حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية، فقد اورثنا الله سبحانه وتعالى الأرض من اسلافنا سليمة عامرة، ومن واجبنا المحافظة عليها وتسليمها بأمانة للأجيال القادمة نظيفة الهواء.. عامرة بالثروات.. وحسنة الطبيعة.. ووفيرة المياه. والمؤسف ان دول منطقة الشرق الأوسط، وكذلك معظم الدول النامية تعاني اليوم من التدهور البيئي فأنواع النباتات والحيوانات في تلك البلاد تختفي بسرعة لم يسبق لها مثيل بما يعادل عشرة أضعاف معدل الانقراض الطبيعي.. بالإضافة الى ان اكثر الأنظمة البيئية عرضة للخطر على ظهر الكوكب تقع في بلدان نامية، لذا فإن الفقراء هم المتضررون من تدهور بيئتهم الطبيعية؛ ذلك لأن العالم النامي كثيراً ما تتغلب احتياجاته الاقتصادية المباشرة على الضرورات بعيدة المدى.. ونادراً ما تأتي مسألة حماية البيئة بين الأولويات على المستوى الوطني في تلك البلاد. وطبقاً لتقديرات البنك الدولي فإن رأس المال الطبيعي يشكل ربع إجمالي الثروات في البلدان ذات الدخول المتدنية مقارنة بنحو 3٪ فقط في البلدان المتقدمة اقتصادياً.. وقد أدى تدمير البيئات الطبيعية الثمينة الى تولد العديد من المحن والكوارث البيئية والاحتباس الحراري وتقلب المناخ وتدمير الغطاء النباتي ونقص مخزون المياه الجوفية.. حيث يشير تقرير الأممالمتحدة الى ان ما يقارب المليار نسمة حول العالم لا يحصلون على مياه شرب صالحة، كما ان مليوني نسمة يموتون بأمراض مرتبطة بالتلوث البيئي، وكذلك أمراض مرتبطة بالمياه، وأن الطلب العالمي للمياه يزداد سنوياً بما يقارب 46 مليون لتر مكعب، وأن متوسط حاجة الفرد العربي من المياه يقل عن ألف لتر مكعب. كما أشار التقرير ايضاً الى ان هناك 13 بلداً عربياً واقعة في منطقة الجفاف العالمي، وهو مؤشر بيئي خطير يتطلب قدراً مضاعفاً من المسؤولية والاهتمام على المستوى الوطني.. لذا تبذل وكالات التنمية وحماية البيئة قصارى جهدها في التقريب بين أولويات التنمية وحماية البيئية، مع العمل على ترشيد المياه، وهو التقدم المنشود الذي يحتاج اليه العالم اليوم ضمن أولوياته المهمة في التعامل بنجاح مع واحدة من أشد القضايا إلحاحاً في زمننا الراهن، وهي حماية صحة كوكب الأرض وتعزيز قدرته على البقاء والنمو والازدهار لخير المجتمعات الإنسانية، فالمسؤولية مشتركة وتضافر الجهود مطلب ملح لحماية البيئة والمحافظة عليها حاضراً ومستقبلاً، مع العمل على مواكبة الجهود المبذولة من قبل الدول والمنظمات الإنسانية البيئية المتخصصة في هذا المجال، التي تسعى جاهدة لتحسين البيئة الكونية.. هذا على الصعيد الدولي، أما على الصعيد الوطني فذلك يتطلب العمل على وضع الاستراتيجيات والخطط والبرامج المناسبة لمعالجة مشاكل البيئة، ودراسة مستقبل المياه، وحماية الحياة الفطرية، ومكافحة التصحر، وتنمية الغطاء النباتي، والحد من الرعي الجائر، ومنع الاحتطاب، ومعالجة تلوث الهواء، والحلول العلمية في الإدارة الإستراتيجية، وبناء القدرات في مجالات التقويم والرصد والدراسات البيئية.. وكذلك حماية السواحل من التلوث، والمحافظة على المخزون السمكي، والرقابة البيئية للحد من ظاهرة التلوث بجميع اشكاله، مع الاستفادة من التجارب الناجحة في بعض الدول التي وضعت قوانين لحماية البيئة وعملت على تطبيقها فعلياً على أرض الواقع، كل ذلك يتطلب وجود جهة رقابية تهتم وترعى وتنفذ تلك الخطط والبرامج، كوزارة متخصصة بشؤون البيئة أسوة بما هو حاصل في معظم دول العالم.. وذلك من أجل عالم سليم البيئة خالٍ من التلوث، حيث من حق الإنسان - أياً كان - أن يعيش في بيئة سليمة وخالية من التلوث البيئي. هيئة حقوق الإنسان