جلسوا جنباً الى جنب، سجناء وسجانون، في روميه، اكبر سجون لبنان (شمال شرق بيروت)، يلعبون ويمزحون ويتحاورون ويتعلمون كيفية "بناء السلام"، في تجربة هي الأولى من نوعها في لبنان والعالم العربي. وتقول لنا غندور، مديرة مشروع "بناء السلام" الذي ينفذه برنامج الأممالمتحدة الانمائي والمنظم لورشة "فض النزاعات" في سجن روميه "وجدنا ان السجناء وعناصر الدرك يحتاجون الى اكتساب تقنيات تساعدهم في حل نزاعاتهم الداخلية ونزاعاتهم مع الآخرين وتخولهم السيطرة على غضبهم". "كسر الجليد" يتم من خلال لعبة "التركيز". لاعب يضرب من يجلس الى يمينه او يساره. المضروب يسمي مشاركا ثالثا باسمه من دون ألقاب. صاحب الاسم يضرب الجالس الى جانبه. وهكذا دواليك... ويربح اللذان يصمدان حتى النهاية. في البداية، يضرب السجين من يمكن ان يكون سجانه بخفر، ثم لا يلبث ان يرتاح اكثر في الضرب مع ارتفاع نسبة الحماسة وخروج اللاعبين، الواحد تلو الآخر من الحلقة. وتشرح غندور ان نزاعات عدة قد تنشأ بين السجناء لأسباب مختلفة، "شخصية وربما طائفية، او قد تكون ناتجة ببساطة عن ظروف الاحتجاز الصعبة واكتظاظ السجون". ويتسبب سوء التصرف في هذه النزاعات في تفاقمها. كما ان نزاعات اخرى قد تنشأ بين السجناء وحراس السجن نتيجة سوء استعمال السلطة او الصراع الدائم بين ممارسي السلطة ورافضيها. وتقول المديرة التنفيذية للمركز زينة دكاش، ان الهدف "مساعدة الطرفين على التعبير والتواصل". وتضيف "هناك ضغوط كثيرة في السجن، والسجين يحتاج الى تدريب على تخطيها الدركي يشهد يوميا على الكثير من النزاعات ويحتاج الى التدرب على كيفية اخذ مسافة من المتنازعين ولعب دور الوسيط الموضوعي". وسبق لزينة دكاش، الممثلة والمخرجة واستاذة "العلاج بالدراما"، ان عملت لمدة سنة مع سجناء في هذا السجن يشارك بعضهم في ورشة التدريب هذه. وفي ختام تلك السنة، قدم السجناء في فبراير ومارس ثمانية عروض لمسرحية "12 لبناني غاضب" على مسرح مستحدث في السجن، كانت الدعوات الى حضورها مفتوحة.ويعبر السجين نايف ب. المحكوم بجرم اتجار بالمخدرات، عن فرحه لاكتشافه ان "الدرك متعطشون اكثر منا لخوض التجربة. خلت انني اتابع محاضرة في جامعة خارج السجن وان الدركي ليس الا زميلا لي". في المقابل، اقترح دركي رفض الكشف عن اسمه ان "يستفيد من هذا المشروع اكبر عدد ممكن من السجناء عبر اعداد سلسلة محاضرات". الا ان السجين رواد ج. المحكوم كذلك في جرم مخدرات، يبدو اكثر تحفظا ويقول "يهمني ان تنشأ بيننا وبين الدرك علاقة جيدة. لكن الواقع ليس كذلك صحيح ان الامر يكسر الحواجز معهم لكن ليس لأكثر من يومين". اما دكاش فتشير الى ان فكرة الورشة لاقت "ترحيبا من ادارة السجن وفي حال نجحت التجربة ستعمم".