من الغريب أن يكون إعلان سابك لخسارة (974) مليون ريال بالربع الأول 2009م مفاجئا جميع المستثمرين ومعظم المحللين وكأن خسارة تقييم الشهرة البالغة (1.181) مليار ريال بسبب خسائر شركة البلاستيك التي تحملتها سابك خلال هذا الربع لم تكن متوقعه! لانه ثبت بان معظم المتعاملين بالسوق يعشقون المفاجآت على الرغم من معرفتهم بخسائر الشركات العالمية! فقد سبق أن ذكرنا صراحة بان حجم خسارة تقييم الشهرة اكبر مما أعلن بكثير بناء على القوائم المالية لشركة البلاستيك المبتكرة وطالبت حينها من شركة سابك في (لماذا نريد أن تكون نتائج «سابك للبلاستيك « مفاجئه؟ 17/1/2009م) وفي (كبار المستثمرين يفقدون الثقة بالقوائم المالية! 28/2/2009م) بالإفصاح للمستثمرين عن حجم خسائر الشركة وخسارة تقييم الشهرة خلال عام 2008م ليتم تحميل سابك بها كل ربع مالي بدلا من تجميعها وإعلانها بشكل مفاجئ! ولكن كالعادة لم يهتم احد بذلك المطلب سواء من المتداولين او من هيئة السوق المالية او سابك!. فالمشكلة التي يعاني منها المستثمر بالسوق ليست فقط في إخفاء المعلومة بل في تناقض الأخبار والتصريحات! والرئيس التنفيذي لسابك سبق أن أكد بتاريخ 21/1/2009م عند إعلان نتائج الربع الأخير لعام 2008م بان خسارة الشهرة لم تدخل بالقوائم المالية لعام 2008م وصدق الجميع ذلك التأكيد عدا من يعلم حقيقة تلك القوائم! لكونه كشف بعد (3) أشهر (قبل يومين) أثناء تعليقه على إعلان سابك للربع الأول 2009م بان احتساب خسارة الشهرة سبق أن تم بالربع الأخير لعام 2008م ولكنها لم تؤثر على القوائم المالية لان الأرباح كانت أعلى في حين انه في الربع الأول 2009م لم تكن هناك أرباح تغطي تلك الخسارة! فهل انخفاض الأرباح هو فقط الذي اجبر الشركة على الكشف عن خسارة الشهرة؟ اعتقد أن الشفافية تقتضي من سابك وهيئة السوق أن تكون المعلومة واضحة حتى وان تسبب ذلك في الكشف عن خلل ما بتلك الصفقة! وان لا نؤجل الكشف عن الخسائر بمبدأ «لعل وعسى تتحسن الأوضاع» او من اجل صانع السوق الذي رأى أن يفعل شيئا قبل انكشاف الحقائق! فسعر سابك قبل انتهاء الربع الأول 2009م كان (37) ريال فماذا نتوقع أن يحدث لسعر سابك لو أعلنت الخسائر وهو في تلك المستويات؟ إذا فرفع السعر عنوة الى (55) ريالا وبتدوير عال ومخادع لمن يجهل الأهداف وتحت غطاء تصريحات متفائلة كان فقط لتوفير هامش لامتصاص الخبر السلبي، فالرفع الكبير لمؤشر السوق تم بسابك وبنوكهم فقط (عدا أسهم المضاربين الذين استغلوا الوضع) هنا الشفافية كانت حصرا على محافظ صانع السوق! فلماذا يحرم باقي المتداولين من الاستفادة من تلك الأهداف بدلا من خداعهم لاقتناص أسهمهم بأسعار متدنية؟ فتطبيق الشفافية يجب أن لايستثنى منه شركات او مسئولين!. إنه على الرغم من التأكيد بان محافظ صناديق الدولة استعادت السيطرة على سوق الأسهم وبمساعدة الأزمة العالمية التي تسببت في تحجيم وإقصاء بعض المستثمرين وتأكد للجميع بأنها صانع السوق واللاعب الرئيس خلال الأزمة وبصفقات ضخمة وواضحة بنسب كبار الملاك، إلا أننا مازلنا نسمع بمطالبات مجلس الشورى وبعض الخبراء بإيجاد صانع سوق للمحافظة على استقرار السوق! فتلك الصناديق أصبحت بحكم تبعيتها للدولة لا تحتكر المعلومة فقط بل تعطي توجهات مؤثرة على الشركات ونتائجها، فهي صناديق تابعة للدولة ومستثمرة بالسوق وتدير البنوك والشركات (أي جملة وظائف لن تتحقق بها الشفافية للجميع). فهي تعلم في ظل الغموض الذي يراه معظم المستثمرين حيال ارتفاعات السوق العالمي والمحلي قبل أسابيع بان أسباب ذلك التوجيهات (غير المعلنة) للبنوك والشركات في الكيفية التي تعد بها مخصصات خسائر الاستثمارات لتنفيذ توجهات قمة العشرين لتجًميل تلك النتائج حتى ولو وصل الأمر الى إخفاء خسائر متوقعة وعدم إدراج مخصصات لديون تعثر تحصيلها مما انعكس إيجابا على نتائج الكثير من البنوك والشركات العالمية للربع الأول 2009م. ومن المؤكد انتهاجنا لنفس التوجه العالمي والمؤكد انه لن يستفيد من ذلك المستثمرين بل فقط المضاربين! فجميع المتداولين بالسوق لا يعلمون بتفعيل تدخل السياسيين في تعليق العمل ببعض المعايير المحاسبية! هنا الشفافية ليست مطلوبة فقط من شركات السوق، فعلى هيئة السوق المالية توفير كل معلومة للجميع كما انه يجب أن نعلم بان اتخاذ أي صندوق (سنابل او تقاعد او تأمينات او..) لقرار البدء في الاستثمار والشراء لإنقاذ السوق او لإخراج مستثمرين من أسهمهم هو اكبر محفز مغًيب عن جميع المتداولين. والأسوأ عندما يسبق ذلك إنزال متعمد للسوق بهدف تسييل المحافظ الممولة من البنوك – كما حدث عدة مرات – ثم رفع الأسعار فجاه ليتم بيع ما تم اقتناصه من تلك المحافظ على صناديق الدولة! فكيف نصدق تأكيد المسئولين بان نزول السوق غير مبرر وهم يعلمون بان تلك الصناديق قد اتخذت قرارات بدخول السوق والشراء؟. ولذلك وقعت هيئة السوق في مأزق بين تحقيق الشفافية للمستثمرين وتحقيق صانع السوق لأهدافه! ولكن إذا كان البعض يرى بان السوق بعد سيطرة صناديق الدولة عليه سيكون أفضل حالا فأنني اعتقد بأنه بعد استقرار الأوضاع سنرى سوقنا تحول للاستثمار وقد لا تحدث انهيارات كبيرة ومفتعلة ولكن لان معظمنا يبحث عن المضاربات فانه سيعتقد بأن السوق دخل في غيبوبة بسبب حالة الجمود وانعدام التذبذبات التي تجذب السيولة ! وستصبح مشكلتنا اكبر عندما تحاول تلك الصناديق تسييل جزء من محافظها للصرف على متقاعديها كما يهيئ له إعلاميا حاليا خاصة في ظل استمرار الأزمة!