يذهلك بعلمه المتدفق.. ويدهشك بفكره المترقرق.. ويبهجك بشعره الطري.. ويطربك بنثره البهي.. فكأن العلم والأدب غيمة ضخمة تغذي الحاضرين في مجلسه.. والتواضع والكرم واللطافة عبق أذفر يغرف الزائرين لمنزله.. ها هي حقيقته المبهرة.. وأرومته السامقة.. ومزيته الفائقة.. من يعرف الشمس لا ينكر مطالعها أو يبصر الخيل لا يستكرم الرمكا إنه الفذ الأريب، والخطيب الأديب العجيب، ابن عبدالله، عائض القرني، الذي صدق حين قال: فلا تسمعني وعظ قس ولاتسق على مقامات من الهمذاني فعندي من الأيام أبلغ عبرة على منبر تلقى بكل لسان ولما اتخذت العلم خدناً وصاحباً تركت الهوى والمال ينتحبان جعلت القوافي الصافنات مراكبي كأن الضحى والليل قد حسداني ولو كنت في دهر سوى ذا رأيتني على غارب الجوزاء خط مكاني أتيت بعصر غير عصري وإنني غريب فعصري مفلس وزماني ولي همة لو أن للدهر بعضها لأمست له الأفلاك في خفقان وما كنت مما يسلب اللهو قلبه وكيف وفي الأعماق سبع مثان وفي خلدي ذكر حكيم مرتل معاذ إلهي ليس فيه أغان ولي خاطر كالسيل تدنو زحوفه وجودة ذهن فاض كالزبدان ولا عيب لي إلا طموح مزلزل يظل فؤادي منه في غليان لداتي لهم لهو ولغو وسهرة ولكن ديني عن هواي نهاني فلله درك.. أيها الجحجاح.. كم خضعت جنود الحروف لأوامر يراعك.. وكم تجلت زهور الكلمات في روض بيانك.. وكم من فكرة - حين هطلت عليها محبرتك - تألقت وأنبتت من كل زوج بهيج.. وكم من قافية - تسرب ليها حذقك - تلألأت بين السمار، حتى أصبحت سراً من الأسرار.. وكم طرب المسامع ليس يدري أيعجب من ثنائي أم علاكا وذاك النشر عرضك كان مسكاً وهذا (الحرف) فهري والمداكا