علاقة الإنسان وتفاعله مع البيئة في منطقة الباحة جعلته يحاكي ورودها ورياحينها وأطيارها وما تضمه من تنوع وثروة طبيعية شعراً ونثراً حتى ترجمها الإنسان بواقعية وأصبحت جزءًا من حياته وتقاليده ، والريحان من النباتات العطرية الطبية المشهورة ، ولأهمية هذا النبات فقد كان رمزاً من رموز الحب وتبادل التهاني في منطقة الباحة ولا يزال حتى اليوم .وكانت نبتة الريحان في القدم رمزاً للنصر عند اليونانيين الذين كانوا يصنعون منه الأكاليل للمنتصرين في المعارك وللعرسان في أفراحهم . ووضع الريحان على الرأس من الموروث الذي يعود بجذوره التاريخية العربية إلى العصر الجاهلي حيث كان الناس يحيون بتبادل الريايحين ويضعونها على رؤوسهم ولذلك قال النابغة الذبياني : (رقاق النِّعالِ طيّبٌ حجزاتهم ... يحيون بالريحان يوم السباسبِ ) وظلت هذه العادة مستمرة إلى العهد الإسلامي ، فكان بشر بن مروان والي الكوفة في أواخر القرن الهجري الأول كما وصفه الشعبي قال : كان بشر بن مروان يرتدي غلالة رقيقة صفراء وعلى رأسه إكليل من ريحان وفي عصر الحجاج كان الرجال يتبادلون التحية بباقات من الرياحين ويضعونها على رؤوسهم واستمرت هذه العادة على مر العصور حتى عصرنا هذا خصوصاً المنطقة الجنوبية من المملكة ، ففي منطقة الباحة لا يزال الريحان شامخاً على رؤوس الرجال والنساء وهدية لابد منها عند القدماء ، بل أن الشباب يحرصون في كثير من المناسبات على إحياء هذا التراث . الذي يسمى في المنطقة (الغراز ) ومصدرها غرز ، وفي اللسان لابن منظور يقال : غرز الشيء بالإبرة إذا ثبّته في مكانه . وفي الواقع أن هذه الباقة من الريحان تغرز في عقال الرجل أو في غطاء المرأة ، إلا أنها لدى المرأة تكون هذه الغرزة منكسة تحت جوانب غطوة الرأس ، ولدى الرجل تكون منتصبة للأعلى!! وقد تردد ذكر الريحان في منطقة الباحة شعراً ونثراً ، وتغنى فيه شعراء المنطقة القدماء مثل جريبيع الزهراني وهو أحد كبار شعراء الغزل الذين عاصروا الدولة السعودية الأولى قال في مقطع من قصيدته على لحن العرضة : ما نفعني الدوى من كل بندر ... وثمانين كيّه من شبابه مرحبا ياهل الريحان والدُر ... قالها الشاعر اللي من شبابه . وقال الشاعر عبدالله البيضاني من كبار شعراء المنطقة الجنوبية المعاصرين في لون الشقر الجنوبي منشداً هذه الباقة من الورود والرياحين على لحن (اللعب ) : آتغرز بريحان أو ورود مرحبا ياللي آعدّه عدود وانا قلبي بجمع الناس والف لو بغوا يذهبونه من ذهب وعادة الريحان ووضعه على الرؤوس لا تزال حتى اليوم من العادات الحميدة التي بقيت واستحسنها الشباب في مجتمع منطقة الباحة بعد أن كانت تقتصر على كبار السن.