المتابع للمشاريع الحكومية التنموية يجد أنها مليئة بالتعثر، ذلك أن الدولة أيدها الله تخصص الميزانيات الضخمة من أجل إسعاد المواطن، لكن الجهات المخولة بالتنفيذ تواجه خللا كبيرا يؤدي إلى تأخر ووأد الكثير من تلك المشاريع التي تتم الموافقة السامية عليها، الأمر الذي يثير تساؤلات عدة حول هذا الموضوع الذي أصبح يشكل قلقاً على المستوى الحكومي وعلى مستوى أمراء المناطق بشكل خاص، فقبل عدة أيام ناقش الأمير خالد الفيصل الكثير من المشاريع المتعثرة في منطقة مكةالمكرمة، وقبلها ناقش مجلس الوزراء أيضا مسببات تعثر أو عدم تنفيذ عدد غير قليل من المشاريع الحكومية التي تم رصد ميزانياتها الضخمة.. لكن دون جدوى!! وشدني في هذا الخصوص تصريح أدلى به أمس رئيس لجنة المقاولين بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض حول نقص الإسفلت مجدداً(!!) مشيرا إلى أن لجنة المقاولين رفعت شكوى لوزارة التجارة والصناعة ضد شركة أرامكو السعودية لعدم تجاوبها خلال المرحلة الماضية لتوفير مادة الإسفلت على رغم إعلان الشركة زيادة إنتاجها لتلبية حاجة السوق!! وألمح إلى أن ذلك قد أدى إلى تعثر كثير من المشاريع الحكومية، لافتا إلى أن هذا الموضوع أصبح يمثل معاناة كبيرة للمقاولين!! وتساءلت مع نفسي هل يعود السبب في ذلك إلى نقص (إجباري) في مادة الإسفلت؟ّ! لكنه أجاب في تصريحه لوسائل الإعلام بأن المشكلة لا تتحدد في نقص مادة الإسفلت المتوفرة بشكل كبير لكن ذلك يعود إلى تصديره إلى دول أخرى من خلال عدد من التجار في السوق السوداء من الباطن!! وتساءلت عن علاقة ذلك بشركة أرامكو السعودية لكنه أشار في تصريحه أيضا إلى أنهم قد خاطبوا واجتمعوا مع المسئولين بشركة أرامكو ولم يجدوا منهم أي تجاوب أو اهتمام بخصوص هذا الموضوع!! وفي الوقت نفسه أشارت وزارة النقل إلى أن 90% من التأخير في مشاريعها يأتي بسبب نقص الإسفلت!! وتعجبت مثل غيري أن يحدث هذا في دولة اشتهرت عالميا بالنفط !! مما أثار في نفسي الكثير من التساؤلات حول غياب التنسيق الوطني وحول إهمال مفاهيم التكاملية الوطنية، وحول أيضاً العجز الإداري في التعامل مع الأشياء بعدد غير قليل من مؤسساتنا الحكومية، فمن سمح لأولئك التجار (غير الوطنيين) بتصدير الإسمنت على الرغم من حاجتنا له بهذه الحدة؟! ومن جعل أرامكو السعودية وهي شركتنا الوطنية العملاقة لا تتفاعل مع احتياجات السوق المحلي لوطنها وتساهم في معالجة العقبات التي تعترض خط سير مجهوداته التنموية؟! وما الذي جعل مشاريعنا الوطنية الضخمة والمهمة تتعثر؟! وهل يمكننا معالجة ذلك سريعا لنستفيد من مواردنا المالية في الوقت الحالي؟ وهل يمكن أن نوجد جهة مركزية تتحدد مسئوليتها في دراسة ومن ثم ترسية مشاريع الدولة (كلها) وفقاً لمتطلبات ومواصفات كل جهة حكومية كما تتولى متابعة جودة الأداء وسرعة التنفيذ وتذليل أي عقبات تحول دون تنفيذ تلك المشاريع وقد تحقق مثل هذه اللجنة نجاحات كبيرة إن تولى رئاستها من يتفرغ لها ويكون قريبا من صانعي القرار بوطننا العزيز .. ودمتم