مؤسسة جالوب لرصد الآراء وجهت السؤال (التالي) لثلاثمائة ألف مواطن حول العالم: - هل تعتقد أن الإنسان تطور من مخلوق بدائي بسيط، أم خلقه الله كاملا بهيئته الحالية؟ وبعد فرز الإجابات اتضح أن معظم من يعتقدون بتطور الإنسان من مخلوق بدائي يعيشون في الجزء الشرقي من ألمانيا، ثم اليابان وتشيكيا، ثم الجزء الغربي من ألمانيا.. وفي المقابل تفوق الأمريكان في نسبة المؤمنين بخلق الانسان كاملاً - بهيئته الحالية - يليهم في ذلك البولنديون والايرلنديون والفلبينيون (علما أن هذا الاستطلاع لم يشمل أي دولة عربية أو إسلامية)!! ... وهذا الترتيب يتوافق مع حقيقة وجود أكبر نسبة من الملحدين في ألمانيا وتشيكيا (واستثني اليابان كونها لا تدين أصلا بدين سماوي) في حين توجد أكبر نسبة من المؤمنين في أمريكا وبولندا والفيليبين (التي تعد أكبر دولة مسيحية في آسيا) ! وحسب آخر تقرير عن ديانات العالم ينتمي 4,7 بليون إنسان إلى أحد الديانات المعروفة (وهو ما يشكل 81% من مجمل البشر) في حين لا ينتمي 887 مليون إنسان لأي ديانة (وهو ما يشكل 15% من مجمل البشر).. وهذا الرقم - الأخير - لا يشمل الملحدين الذين لا يؤمنون بوجود خالق للكون ويقدر عددهم ب222 مليون نسمة (يشكلون 4% من مجمل البشر)!! ... غير أنني في الحقيقة لا آخذ مثل هذه الأرقام على محمل الجد لسببين رئيسيين: الأول: أن نسبة كبيرة من الشعوب الآسيوية لا تملك أو لا تعتنق ديانات تتضمن وجود خالق أو مدبر واحد للكون وبالتالي قد لا تنطبق عليها فكرة التدين أو الإلحاد بالمعنى الذي يفهمه أتباع الديانات السماوية الثلاثة (... وهي الفكرة التي تعرضت لها بالتفصيل في مقال قديم بعنوان: هل يوجد ملحدون في كوريا والصين !؟) أما السبب الثاني فهو التغير السريع والمتواصل الذي تشهده حاليا ديانات العالم الكبرى من حيث التزايد أو النقصان أو تغيير الملل - أو حتى الخلط الواضح بين العلمانية والانتماء لديانة معينة.. ففي أمريكا مثلا يقدر أن ربع المواطنين غيروا الديانة التي ولدوا بها في مرحلة من حياتهم - أو تحولوا للإلحاد رغم استمرارية ممارستهم للطقوس الدينية كواجب اجتماعي.. ومع هذا يبدو أن الوضع الديني في أمريكا أفضل بكثير من أوربا (التي تسبق غيرها في التخلي عن ديانتها المسيحية).. ففي الجزء الشرقي من ألمانيا مثلا تخلى 88% من السكان عن ديانتهم المسيحية - يليهم سكان سلوفينيا بنسبة 30%، ثم روسيا بنسبة 27%، ثم هولندا بنسبة 24%.. وفي حين يواظب 54% من الأمريكان على الذهاب للكنيسة في قداس الأحد لا يذهب إليها سوى 7% من سكان بريطانيا، و8% من سكان تشيكيا، و9% من سكان الدنمرك.. وفي بريطانيا بالذات توقفت موجة التدين عند عقد الستينات وارتفعت وتيرة التحول إلى العلمانية (التي بدأت تتبلور كعقيدة وضعية في مجتمعات كثيرة معاصرة ).. فنسبة الحضور إلى الكنيسة - في انجلترا واسكتلندا وويلز - انخفضت من 11% عام 1980 إلى 6,8% هذه الأيام (ويتوقع أن تنخفض إلى 5% عام 2010 حسب مؤسسة Christian Research التي أفادت أيضا أن من يؤمون المساجد في بريطانيا عام 2004 فاق لأول مرة عدد من يؤمون الكنائس البريطانية بمعدل 930 ألف مصل)!! ورغم أن «الإسلام» ما يزال أكثر حيوية وقدرة على الانتشار من الديانة «المسيحية»؛ إلا أن هذا لا يمنعنا من التساؤل عن احتمال تعرضه لنفس المصير مستقبلا: - بمعنى هل سيتعرض الإسلام بدوره لنفس التراجع التي تشهده المسيحية حاليا !؟ - وهل سيصبح الإلحاد هو السمة المميزة للشعوب والمجتمعات التي كانت تؤمن به سابقا؟ ... الجواب تجده في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى لا يُحج إلى البيت».. و«لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريعته من أهل الأرض».. و«لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله»!!