الفيفا ينشر «البوستر» الرسمي لبطولة كأس العالم للأندية 2025    "الديار العربية" و"NHC" توقّعان اتفاقية تطوير مشروع "صهيل 2" بالرياض    مدرب البحرين: أعد بالتأهل لكأس العالم 2026    القمر البدر العملاق الأخير    القبض على 3 إثيوبيين في ظهران الجنوب لتهريبهم (25) كجم "حشيش"    تركي آل الشيخ يعلن القائمة الطويلة للأعمال المنافسة في جائزة القلم الذهبي    قادة الصحة العالمية يجتمعون في المملكة لضمان بقاء "الكنز الثمين" للمضادات الحيوية للأجيال القادمة    جامعة أم القرى تحصد جائزة أفضل تجربة تعليمية على مستوى المملكة    المملكة تواصل توزيع الكفالات الشهرية على فئة الأيتام في الأردن    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية فرنسا    الذهب يواجه أسوأ أسبوع في 3 سنوات وسط رهانات على تباطؤ تخفيف "الفائدة"    النفط يتجه لتكبد خسارة أسبوعية مع استمرار ضعف الطلب الصيني    جامعة أمّ القرى تحصل على جائزة تجربة العميل التعليمية السعودية    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    موقف ريال مدريد من ضم ثنائي منتخب ألمانيا    بيهيتش: تجربة النصر كانت رائعة    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    الرياض تستضيف النسخة الرابعة لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء    جرائم بلا دماء !    الحكم سلب فرحتنا    الخرائط الذهنية    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    عاد هيرفي رينارد    لماذا فاز ترمب؟    علاقات حسن الجوار    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    استعادة التنوع الأحيائي    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    مقياس سميث للحسد    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفر الى مدن المحال..
الخروج عن النص
نشر في الرياض يوم 08 - 04 - 2009

في اللحظة التي يقرر الكاتب أو الفنان أن يشرع في العمل يكون قد أحكم خصامه مع الواقع وبدأ رحلة الهروب بكل ما يحوطها من مغامرات أكثرها من صنوف العذاب، هذا أمر عجيب عجز الناس عن فهمه، وأجمعوا على ضرورته في ذات الوقت، اذ كيف يترك المبدع ما ملكت يداه ليبحث عما استحال الامساك به؟ ربما لأنه يكون على يقين بأن ما يتنازل عنه في الفن من ممتلكاته يظل في حوزته حين يعود من مغامرته فلا تسقط ملكيته، وربما لأنه – كفنان – يعرف أن من أهم أدواته قدرته على الكذب !
أعذب الشعر أكذبه.. وأروع أعمال الفن أكثرها امعانا في الكذب، فما الذي يدفعنا – نحن كمتلقين تعساء – الى تصديق الكذابين والتعاطف معهم، ومشاركتهم تجربتهم الخاصة بكل ما فيها من بهجة التعساء والمضيعين ومن ألم السعداء المستريحين، فهم في الحالين كذابون يسيرون بعكس اتجاه الحياة ذاتها وما منحتهم من شقاء أو سعادة ؟
" يوتوبيا " التي قدمها الانجليزي توماس مور أسماها الناس " يوتوبيا الضائعة " لاستحالتها، وفي الأساس تعني كلمة " يوتوبيا " الأرض الطيبة، أو أرض النعيم أو " المدينة الفاضلة " كما أسماها البعض قياسا على مدينة أفلاطون الفاضلة.. هي أرض المثال التي يستحيل وجودها على أرض الحياة، فأين تكون تلك المدينة ؟ والاجابة أبسط من السؤال: انها موجودة بكل تفاصيل الحياة فيها، بأناسها الطيبين ورجالها الرائعين، بعلاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية ليس أروع منها .. مدينة اختفت منها الأحلام فكل شيء في مطال اليد بأبسط الاشارات .. مدينة فاضلة تناسب وجودنا الانساني النبيل الذي شوهته الخلافات والحروب والصراعات وابتكار أسلحة الدمار، مدينة للمحبة والسلام، غير أنها بكل ما فيها موجودة في " ملكوت الخيال " !
وتوماس مور كان سياسيا ناجحا، يعيش حياة مستريحة ومرفهة، فما الذي دفعه الى التنازل عما يملك، يفرد أجنحة للخيال الجموح، ويحلق الى ملكوت من نسج ذلك الخيال، يقيم على أرضه مدينة مستحيلة، دون أن يصنع لنا سلما نصعده اليها، أو يمهد طريقا يقود لها، ليس بالضرورة أن يكون طريقا معبدا يتسع لعربات السياحة، فقد كان يكفينا ممر يتسع لناقة أو حمار لنشاركه بعضا من نعماء مدينته الفاضلة..
على أن " ملكوت الخيال " هذا عالم كامل أكبر من عالمنا الذي نعيش فيه، محرم علينا نحن الذين لا نملك تأشيرة للزيارة، لنا فقط أن نسمع به أو نقرأ عنه أو نغمض عيوننا ونترك لخيالنا الكسيح أن يجسد بعضا من موجوداته المصنوعة من الوهم .. هناك فيه مدينة أخرى لأفلاطون، " المدينة الفاضلة " وثالثة للفارابي، وأصلا مدينة توماس مور جزيرة بها أربع وخمسون مدينة كبيرة جميلة تتكلم كلّها بلسانٍ واحد ويلبس ساكنوها جميعاً زياً واحداً ولهم جميعاً نفس الأخلاق، وهناك في ذلك الملكوت تكوينات تشكلت من كل قصائد الشعراء وكل روايات الكتاب، وكل لوحات الفنانين الرسامين، وكل أحلام المصلحين.. عوالم لا تتسع حياتنا كلها لسرد تفاصيلها أو للامساك بتفصيل صغير منها مثل العائد من حلم الليل بشيء سرقه من الحلم واستيقظ، خاصة وأنها محررة من شروط "المادة"، اذ تتداخل الأشكال فيها وتمر بعضها عبر بعض بسهولة وسلام كتكوينات الدخان، لا مشكلة، المشكلة الوحيدة أنها أرض محرمة على أقدام البشر.
ملحوظة : أعد في وقت ما وظرف ما أن أتبنى مشروعا سياحيا الى يوتوبيا الضائعة، السابحة في ملكوت الخيال وبالمجان، ونظرا لضيق ذات اليد سيعمل المشروع على خط واحد فقط، من هنا الى فلسطين والعودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.