في جيزان لم تعد هناك مسافة لشيء , ولم يعد إحساس الاكتظاظ بما هو غائب ومستحيل طاغياً. كلما غبت عن المدينة , وعدت إليها رغم أنها لا تزال تحتاج إلى الكثير شعرت بأن التغيير قادم , وأن ابناء جيزان قادرون على المساهمة بفعالية في التغيير , رغم الهجرات المتكاثرة إلى المدن الكبيرة , والتي أثرت هناك بصمات جيزانية معروفة لا يستوعب المقال إحصاءها . رائع أن تساهم جامعة جيزان في تغيير ثقافة المجتمع من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية , ومن خلال المحاولات الجادة لإكساب المجتمع أنماطا ثقافية متعددة وإثرائه بحضور العديد من الوجوه المؤثرة . ورائع أن يستعد شباب وشابات جازان لهذه الفعاليات ويتفاعلون معها بالاحتفاء المفرح والجميل بكل الحضور . يُعرف عن الجيزاني والجيزانية حبه للآخر , وتلهفه على استقباله وبالذات عندما تطأ أقدامه جازان أول مرة . مدينة كاملة لديها القدرة على الاحتواء وحب الآخر . يُعرف عن الجيزاني أنه سيد الاحتفاء , وسيد الفرح بالآخرين ولذلك غامرني إحساس الفخر وأنا أصل إلى المدينة مع زميلات أخريات يزرن جيزان للمرة الأولى , رغم تحفّظ البعض وتخوفهن كونها الزيارة الأولى , غامرني إحساس بأن ما سوف يجدونه من الحفاوة سيجعل من الزيارة ذكرى رائعة من الممكن العودة إليها بداية من الدعوة الكريمة والمتابعة والتأكيد , لعدة مرات على الحضور من الرائعة المحاضرة ( سحر أبو طالب ) التي تولت الأمر من الدعوة إلى الاستقبال إلى البقاء معنا , وتفقد احتياجاتنا , والسفر إلى فرسان والتوديع في المطار بكل الحب , وبكل الرغبة في نثر ورد المحبة من حولها , واستيداع صورة جيزان الجميلة وملامحها الرائعة , وقد نجحت في تخزين كم من الحب , وكم من الفرح , والانتشار . الدكتور / حسين دغريري ( عميد شؤون المكتبات ) صورة مشرفة , ومبهرة للجامعة من خلال إشرافه على كل صغيرة وكبيرة من احتياجات الضيوف , وتواجده المستمر في الفندق للتأكد من أن كل الحاضرات يتمتعن بالإقامة الطيبة , والتقدير اللائق , أضف إليه أدب جمّ في التعامل , وتوفير أقصى حدود الرفاهية في الخدمات من وسائل مواصلات , وزيارة للقرية التراثية , ولجزيرة فرسان , ولن اتوقف كثيراً أمام فرسان , لأنها تستحق مقالاً منفصلاً . لقد كانت الرحلة إليها خيالية مع الأخوات القادمات من الرياضوجدة منذ زمن لم أسافر بالبحر في بلدي , كم كان البحر ممتعاً , والمركب هادئاً , تضخ الوجوه التي به الكثير من المحبة , والكثير من الألفة . وحتى فرسان التي لم تستغرق رحلتنا وبقاؤنا داخلها أكثر من خمس ساعات كانت مبهرة بكل معاني الكلمات وتحتاج إلى توقف أكثر , لشرح الهدوء الطاغي الذي يتخلل المدينة , والفندق الفخم , والزرقة الصافية لمياه البحر والتي تغري بالبقاء . كانت رحلة ممتعة مع العزيزة والقاصة ورئيسة جمعية الملك فهد بجيزان الأخت الخلوقة والبارعة الاحتفاء بأدب / أميمة البدري. في مطار جيزان اكتشفنا أننا غير قادرين على حمل الأحمال التي معنا في أيدينا من الزهور ومن الفل والكادي وكل موروثات جيزان العطرية الفل الذي غمرنا طوال الرحلة بداية من اغراق الفندق به , إلى حملنا له في أشكال رائعة تزرع من يحبه ويتعاطى معه داخل أروقة ورد الورد , كان هو مسك ختام الرحلة لكن لم يكن نهايتها , لأن النهايات في الحب تظل مفتوحة هي وان أغلقنا ابوايها .