بالأمس القريب ومن قلب مفعم بالتقدير والإجلال أديت أمام سيدي خادم الحرمين الشريفين مع زملائي أعضاء مجلس الشورى القسم بالولاء والإخلاص والأمانة للدين والملك والوطن. ومنذ تلك اللحظة وأنا استشعر ثقل الأمانة وعظم المسؤولية. وما فتئت أدعو الله أن يمكننا جميعاً من القيام بكل ما تتطلبه هذه المسؤولية لنكون عند حسن ظن قيادتنا الرشيدة ومواطنينا، وكلاهما يتوقعان الكثير منا ويتطلعان إلى أن يكون مجلس الشورى وسيلة لتحقيق الاتساق والانسجام في الهياكل التنظيمية لمختلف قطاعات الدولة والتأكد من السير على هدي هذه الأنظمة ليس فقط لتحقيق التحسن المستمر في رفاه المواطن وإنما أيضاً - وهذا أهم في رأيي - لتحقيق نقلة نوعية في مسيرة التنمية وتحقيق التقدم السريع الذي يستحقه هذا الشعب والذي طالما تطلعنا إلى إنجازه. وفي الجلسات التي انعقدت منذ تلك اليوم أتيح لي أن اتعرف عن كثب على من لم أكن أعرف من زملائي أعضاء المجلس، وأن ألمس بطريقة مباشرة أعمال المجلس واشارك في المناقشات الدائرة في الجلسات العامة وفي جلسات اللجان وما يتضمن ذلك من مداولات في استعراض الآراء وتمحيص النصوص وترجيح هذ العبارة أو تلك أو تأييد مقترح أو دحض مقولة للخلوص في النهاية إلى اتخاذ القرارات والتوصيات المناسبة. وسرني والله ما رأيت فقد رأيت نخبة من العقول الراجحة والفكر المستنير، ولمست من الجميع غيرة على الوطن وحرصاً على مقدراته، كما لمست جرأة في قول ما يعتقد المرء أنه الحق وسعة صدر إزاء الرأي المختلف. وبدا لي هذا المنتدى الريادي أشبه ما يكون بمجمع ضخم للخبرات والتجارب منه بمنصة لممثلي أحزاب وفئات وقادة طوائف وكتل. فخطوط الاتفاق ومفاصل الاختلاف مرنة وعلى درجة من السيولة بحيث يتم الاتفاق مع هذا في أمر والاختلاف معه في أمر آخر، هذا دون خوف من عصا الحزب أو خطر الاستبعاد من زعيم الطائفة أو قائد الكتلة. ووجدت أن الجميع يحرص على مصالح كل فئات المجتمع السعودي ومكوناته ومناطقه ومحافظاته. ووجدت أن هذا المجلس يضم بين جنباته كل أطياف المجتمع وتوجهاته وبدا لي أنه إن لم ينجح هذا المجلس في الخروج بالقرار الصائب والمشورة الحكيمة والرأي المتزن فلن ينجح أي تشكيل آخر. كيف لا والأعضاء بمجملهم يمثلون دقة التخصص المعرفي وعمق التجربة العملية وطول الخبرة وشمول النظرة والتجرد من الانتفاع والمصلحة وفوق هذا كله هم أقدر على التماس ما ينقصهم وما ييسر عملهم من المعلومات من مصادرها والخبرات من أهلها. والمستعرض لتركيبة الأعضاء يجد أن العضو الواحد متعدد التكوين فهو من ناحية صاحب تخصص علمي معين ومن ناحية أخرى صاحب خبرة عملية في مجال معين كما أنه من جهة ينتمي إلى ناحية من الوطن بحكم الأصل والولادة وربما التعليم الأولي ولكنه من جهة أخرى يقيم أو يعمل في ناحية أخرى، له توجهات معينة وتطلعات وأحلام خاصة. ومثل هذا العضو بطبيعة تكوينه لا يمكنه أن يتقوقع في متراس واحد، ولا يمكن أن يختزل اهتمامه بجانب أو جانبين مما يعرض على المجلس فهو حاضر في كل هذه المواضع وممثل لكل هذه الانتماءات. أما القواسم المشتركة العظمى التي تشملنا جميعاً وكلنا نعمل في إطارها ولا يمكننا أن نحيد عنها فهي - كما أقسمنا أمام خادم الحرمين الشريفين - أننا ندين بدين واحد وننتمي لوطن واحد وولاؤنا لقيادة واحدة، هذه الأطر الثلاثة تمثل لنا المرجعية النهائية والسياج الحامي الذي مهما اختلفت مواقفنا أو تعددت مرئياتنا فلن نخرج من إطارهما. وقبل أن أترك القارئ أود أن أتوجه بكلمة موجزة أرفعها إلى خادم الحرمين الشريفين وأرجو أن أكون بذلك معبراً ليس فقط عن نفسي وإنما عن زملائي أعضاء المجلس وهي: لقد قلتها أمامنا صريحة يا خادم الحرمين الشريفين أنك تحتاج إلى مشورتنا، ونحن بدورنا أقسمنا أمامك أن نبذل الجهد ولا نقصر. ولكننا ندرك أنه على طريق الاستجابة لرغبتكم والوفاء بما أقسمنا عليه سوف نواجه الكثير من الصعوبات وسوف نصطدم ببعض المعوقات وسنلقى عنتاً من بعض الجهات ولن يرضى عن بعض قراراتنا بعض المسؤولين وبعض المتنفذين هنا وهناك. وفي هذا الأمر نحن أحوج ما نكون إلى دعمكم ومساندتكم وحمايتكم. وأبشركم يا خادم الحرمين أننا واثقون من ذلك. ٭ عضو مجلس الشورى