في نهاية تسعينات القرن الماضي أدرك مجموعة من مستخدمي شبكة الإنترنت العالمية أنه من الممكن استخدام الأخيرة في نقل الصوت والتحدث إلى الأخرين بتكلفة قليلة جدا، وذلك بمجرد إضافة كرت الصوت واشتراك خدمة الإنترنت. غير أن نقاء الصوت ووضوحه لم يكن بالجودة التي تجعل من هذه الخدمة يعتمد عليها بشكل واسع، ولكنها وعلى الأقل أعطت فكرة أو ضوءاً أخضر للباحثين في شركات التقنية والاتصالات أن تكرس جهودا أكبر من أجل تطويرها، وهنا نخص بالذكر شركتي سسكو Cisco ونورتيل Nortel. وأصبح الأمر لا يستوجب أن تكون أجهزة الكمبيوتر في حالة تشغيلية لكي نتمكن من إجراء الاتصال وإنما يكون ذلك عن طريق الهاتف باستخدام تقنية نقل الصوت عبر بروتوكول شبكة الانترنت Voice over Internet Protocol من خلال شبكة العمل المحلية LAN. مع توافر ما يسمى اليوم "سعة الشبكة العريضة Broadband" تم التغلب على مشكلة الرداءة في الصوت وعدم النقاء والانقطاع المستمر. يقوم مبدأ عمل تقنية نقل الصوت عبر شبكة الإنترنت بنقل الإشارات الصوتية العادية (الأسلوب الأكثر انتشارا حاليا) Analog Signals إلى إشارات رقمية Digital Signals على هيئة حزم مضغوطة تأخذ عدة مسارات عبر بروتوكول الإنترنت IP وحال وصول هذه الحزم إلى الجهة المعنية لاستقبالها تتم إعادة تجميع الحزم لكي يتم سماعها بشكل واضح. وهناك تلفونات أو سماعات خاصة يمكن ربطها مباشرة بجهاز الكمبيوتر لإتمام المكالمات بين طرفين أو أكثر، كما يمكن ربط الهاتف العادي بجهاز الكمبيوتر لإجراء المكالمة الهاتفية الرقمية ولكن يجب إضافة محول خاص يحتوي على منفذين أحدهما للهاتف والآخر لشبكة العمل المحلية. كما يجدر بنا الإشارة إلى أنه يمكن لهذه الخدمة أن تعمل بصورة سليمة ضمن شبكة الواي فاي Wi-Fi كما هو الحال مع شبكة العمل المحلية بالأسلاك LAN. بعد هذه الفكرة المبسطة عن مفهوم وطريقة عمل تقنية نقل الصوت عبر شبكة الإنترنت، يجدر بنا أن نتحدث عن فوائدها واستخداماتها والتي يمكن إيجازها بعدة مجالات أهمها التوفير المادي على المستفيدين، حيث إن استخدام هذه التقنية للاتصالات يوفر الكثير ماديا لكون المستخدم يدفع اشتراكاً سنوياً ثابتاً مقابل خدمة اتصال مفتوح على مدار اليوم ومن الشركات التي نشأت في نهاية تسعينات القرن الماضي واكتسبت شهرة عالمية وأثبتت وجودها إلى يومنا هذا هي شركة Skype. ولا يكون إجراء المكالمات الهاتفية عبر هذه التقنية مقتصرا على الأفراد في منازلهم وإنما يتعدى الأمر إلى مزودي الخدمة في مقاهي الإنترنت، كما أنها بدأت بالانتشار في قطاعات خاصة وحكومية ومستشفيات وغيرها. لهذه التقنية نوع من المرونة يمكن أن يطلق عليها مصطلح "العالمية" حيث يمكن استخدامها في أي مكان بالعالم حال توفر خدمة الإنترنت في الموقع الذي تجرى فيه الإتصالات. كما تكمن فائدة هذه التقنية في أن لها القدرة على التوسع، بحيث يمكن زيادة وإضافة خطوط جديدة بمجرد تأمين المعدات اللازمة لذلك ونقاط شبكة العمل المحلية أو Access Points بالنسبة لشبكة الواي فاي، وتقدم الاتصالات عن طريق هذه التقنية نفس الخدمات التي تقدمها الهواتف العادية كإجراء مكالمات جماعية والبريد الصوتي والجمع بين الصوت والصورة في نفس الوقت. بما أن هذه التقنية تعتمد على بوتوكول الإنترنت فإنها تعتبر ذات مستوى قياسي موحد في جميع أرجاء العالم ولا تتطلب هواتف أو سماعات بمواصفات معينة، وكما يحصل مع الهاتف العادي لاستخدام خدمات معينة. وكما لهذه التقنية الحديثة فوائدها، فإنها لا تخلو من عيوب ومنها على سبيل المثال عدم إمكانية الاتصال على الطوارئ في المستشفيات أوالإطفاء أو الشرطة وذلك يعود لعدم جاهزية هذه الأماكن لهذه الخدمة. كما أن بعض المكالمات تواجه تأخراً في الوصول والسبب في ذلك يعود إلى الضغط على الشبكة وكذلك كثيرا ما نلاحظ التقطع في المكالمات. لذلك فمن المهم جدا أن تكون شبكتي العمل المحلية وخدمة الإنترنت قوية ويعتمد عليها لكي نضمن جودة الاتصالات. مما يتضح أعلاه نرى ان تقنية الاتصالات عبر شبكة الإنترنت بدأت تكسب زخماً كبيراً لكونها قليلة التكلفة ومرنة التعامل معها عالميا بحيث إن الكثير من الأفراد والشركات وحتى الجهات الحكومية بدأت في التحول من إجراء مكالماتها بالهواتف التقليدية إلى هذه التقنية، وأن معظم الدول النامية تهتم حاليا في بناء بنية تحتية متينة لإيصال خدمة الإنترنت إلى المدن والمناطق النائية فيها والتي هي ركيزة أساسية لنجاح الاتصالات عبر تقنية شبكة الإنترنت. والمتوقع لهذه التقنية إزدهار واسع في المستقبل، ليس بالبعيد، لكونها مرتبطة بشبكة الإنترنت والتي أصبح لا غنى عنها في حياتنا اليومية. كما أن نقاء الصوت وعدم انقطاعه سوف يأخذ اهتماما خاصا من قبل الباحثين المتخصصين في تطويرهما. * مدير إدارة تقنية المعلومات بمؤسسة اليمامة الصحفية