دخلت المدينةالمنورة تحت حكم الدولة السعودية الأولى لأول مرة عام 1220ه عندما اتفق أعيان المدينة على مخاطبة الإمام سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - وبحث الصلح معه، وخرج وفد صغير من المدينة إلى الدرعية معه رسالة بذلك وقعها شيخ الحرم والقضاة وكبار الأعيان، والتقى بالإمام سعود واتفق معه على تسليم المدينة وتأمين أهلها وإنهاء البدع ومظاهر الشرك فيها، وعاد بالأمان ونفذت إجراءات الاتفاق في ربيع الأول عام 1220ه واستقبل وجهاء المدينة القوات السعودية، وأعلنوا ولاءهم للدرعية، وأزيلت المزارات والقباب من فوق القبور، ومنعت البدع التي كانت رائجة من قبل مثل حفلات الذكر والموالد. ونعمت المدينة مقابل ذلك بالأمن والطمأنينة وتوقفت الغارات عليها. ثم دخلت المدينةالمنورة في ظل الدولة السعودية الثالثة في الثامن عشر من شهر جمادى الأولى 1344ه عندما سلمها كبارها بناء على اتفاق خاص مع الملك عبدالعزيز - رحمه الله- وقد تسلمها الأمير محمد بن عبدالعزيز رحمه الله. وكان خبر سيطرة القوات السعودية على المدينةالمنورة قد أثلج صدور الناس كافة لعلمهم بما سيترتب على ذلك من تأمين الطرق إليها وإلغاء مظاهر البدع المنتشرة هناك وإلغاء الرسوم والمكوس التي كانت تحصل من زوار المدينةالمنورة. وكان أكثر الناس فرحا بذلك الخبر الإمام عبدالرحمن الفيصل - رحمه الله- الذي ما أن جاءه البشير بدخول القوات السعودية المدينةالمنورة تحت قيادة حفيده الأمير محمد ابن عبدالعزيز حتى وهب ذلك البشير ما يخصه من المزرعة المسماة (المريبيعة) الكائنة في الدرعية، فلم تكن تلك المزرعة بذات بال لدى الإمام قياسا بالتشرف بخدمة الناس في الحرم النبوي الشريف إلى جانب الحرم المكي وأنعم به من فخر. وتذكر الوثيقة التي بين أيدينا والمؤرخة في الخامس عشر من شهر جمادى الثانية من عام 1344 للهجرة ما نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم، من عبدالرحمن بن فيصل إلى من يراه السلام وبعد، أمضينا الذي يخصنا من المغارسة في المريبيعة الكائنة في الدرعية نخل يحيى الجهيمي لإبراهيم ابن عبدالرحمن بن جابر ماله فيه معارض، والزكاة تتبع للمغارسة، يكون معلوم والسلام (كلمة غير واضحة) هالمذ كور مقابلة بشارته بفتح المدينةالمنورة ماله فيه معارض، يتصرف فيه بما يشاء، يكون معلوم والسلام، ختم الإمام عبدالرحمن الفيصل 15 جمادى الثانية 1344ه. ومزرعة (المريبيعة) لازالت تحمل هذا الاسم وقد اشتراها الملك عبدالعزيز - رحمه الله- من الشركاء جميعا وهم إبراهيم ابن جابر وناصر بن محمد الجهيمي وأولاد أخيه يحيى ووهبها إلى ابنه الأمير محمد - رحمه الله- ومن ثم اشتراها منه راشد ابن محمد بن خميس - رحمه الله أمير حريملاء سابقاً - ولازالت ذريته تمتلكها حتى الآن. وإبراهيم بن جابر- رحمه الله صاحب البشارة - من أسرة الجابر إحدى أسر الرياض القديمة، التي استوطنت محلة آل جابر التي يقطعها طريق المدينة حالياً إلى قسمين وتحدها من جهتها الشمالية الشرقية الجرادية ومن الجنوب سلطانة، وتسمى هذه المحلة في وقتنا الحاضر (شعيبة آل جابر) ولازالت بقية من هذه الأسرة الكريمة تسكنها. أما أسرة الجهيمي الكريمة فهي من أسر الدرعية التي انتقلت إلى الرياض من فخذ القبابنة المنتمية إلى قبيلة السهول.