حجبت الرياح والأتربة المثارة والعوالق الشديدة الرؤية صباح أمس على مدينة الرياض بشكل تام وتسببت في وقوع حوادث مرورية نتيجة لشدة الرياح التي بدأت في تغيير الأجواء بشكل مفاجئ وسريع عند الساعة العاشرة والنصف صباحاً قادمة من شمال الرياض من منطقة القصيم وما جاورها من المحافظات التي بدأت عليها في ساعات المساء المتأخرة أمس الأول، والتي دفعت عددا من المحافظات منها الزلفي والمجمعة، والدوادمي وعنيزة وحفر الباطن، وجلاجل وتمير لتوقف الدراسة. كما أعلنت المستشفيات والمراكز الصحية في المدن والمحافظات والمراكز التي تعرضت للموجة حالة من الاستنفار نظراً للأعداد الكبيرة التي استقبلتها من الذين تأثروا بموجة الأتربة وسببت لهم أمراضاً بالجهاز التنفسي. وأعلنت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أن تدني الرؤية أمس بسبب الأتربة المثارة والعوالق الترابية الشديدة خاصة خلال النهار على مناطق وسط وشرق المملكة يصحبه انخفاض في درجات الحرارة يكون ملموساً أثناء الليل حيث تبدأ الرؤية بالتحسن على مناطق وسط المملكة وتتحرك السحب الممطرة باتجاه مناطق شمال شرق وأجزاء من شرق المملكة خلال النهار في حين تخف كمية السحب تدريجياً خلال الليل وتظهر السحب المنخفضة والمتوسطة على المرتفعات الجنوبية الغربية قد تتخللها سحب ركامية في فترة ما بعد الظهيرة. وأوضحت الرئاسة في تقرير لها ان الرياح السطحية شمالية غربية إلى شمالية شرقية على شمال وغرب وأجزاء من وسط المملكة وجنوبية إلى جنوبية غربية على بقية المناطق. ودعت المواطنين والمقيمين إلى أخذ الحيطة والحذر في مثل هذه التقلبات. وبيّن الفلكي الدكتور خالد الزعاق ان الغبار خلال هذه الأيام أمر متوقع حيث نعيش في موسم العقارب والذي يعتبر من أكثر المواسم (خلخلة) في الطقس لوقوعها في الفترة الانتقالية الحرجة بين فترة الشتاء البارد إلى فترة الصيف الحار ومن المنتظر ألا ينقطع معين الغبار حتى يتمايز الصيف الفعلي في موسم (كنه الثريا) مما يجعل التخلخلات الطقسية الناتجة من الرياح الماكرة هي السائدة والغبار الحاصل الآن يسمى غبار برد «بياع الخبل عباته» ومن باب العادة ان الغبار في موسم آخر العقارب يأتي مصحوباً ببرودة. وقال اننا نعيش حالياً في موسم الغبار المفاجئ الذي يتزامن مع موسم العقارب وعندما يتمايز فصل الصيف الفعلي تدخل مرحلة الغبار المنظم الذي يتزامن مع موسم البوارح حيث تشتد الريح في شهري يونيو ويوليو مع ارتفاع درجة الحرارة السطحية ورياح البوارح هذه رتيبة لا تتسم بعنصر المفاجأة فعندما تطلع الشمس وترسل أشعتها الحارة إلى سطح الأرض يتخلق الغبار لأن من عادة الحرارة انها ترفع الأشياء إلى الأعلى فتثير بذلك الغبار وكلما اشتدت الحرارة مع هبوب الريح ازداد الغبار وعندما تغرب الشمس يترسب الغبار على كل شيء. وأضاف: تعتبر المملكة من محطات الغبار العالمية حيث تقع في النطاق الصحراوي المداري الجاف لغرب القارات وتقع أيضاً تحت سيطرة منخفض الهند الحار في الصيف ومرتفع سيبيريا في الشتاء مما يجعلها في مهب الرياح القارية الجافة التي تحدث عواصف رملية تحمل في طياتها الغبار والرمال والأتربة فتؤدي إلى تغير لون السماء من الأزرق إلى الأحمر الباهت أو الأصفر الغامق. وقال الدكتور الزعاق: من المتوقع أن الغبار هذه السنة سيأتينا على شكل هجمات مباغتة وينقسم الغبار إلى قسمين رئيسيين هما غبار محلي وآخر مستورد، مشيراً إلى أن المحلي يتشكل في الفترات الانتقالية غالباً أي في فصلي الربيع والخريف وعند التصادمات الجبهية في حين ينقسم المستورد إلى قسمين أولهما مستورد من خارج الجزيرة العربية وآخر مستورد محلي أي ينتقل من منطقة إلى منطقة ثانية والمستورد الخارجي يأتينا عبر الرياح الشمالية من روسيا وجبال التبت في الصين وزاجرس في إيران وكذلك من صحراء الشام ولونه أبيض كالدقيق وغالباً تكون جزيئاته عالقة مع حرارة الشمس وإذا غربت الشمس يترسب الغبار على الأشياء. وأضافت أن المستورد الداخلي يأتينا عبر الرياح الجنوبية أي ينتقل إلينا من صحراء الربع الخالي ووادي الدواسر ويكون لونه مشوبا بحمرة والعواصف الترابية المثيرة للغبار والتي تهب علينا بين الحين والآخر لها أسبابها مثلما لها مساراتها وهي ترتبط بالبىئة ارتباطاً وثيقاً فمن ناحية درجات الحرارة نجد أن اختلافها من منطقة لأخرى وبخاصة المناطق المفتوحة الواقعة خارج المدن «مع ارتفاعها في كل الأحوال نتيجة التعرض الطويل لأشعة الشمس خلال ساعات النهار في اليوم الواحد»، وسيؤدي إلى تغيرات كبيرة في الضغط الجوي لتلك المناطق الأمر الذي يؤدي إلى اضطراب هائل في الكتل الهوائية هناك ما يجعلها تتحرك سالكة مسارات متعددة نحو مناطق الضغط المنخفض ذات الدرجات الحرارية الأعلى حاملة معها ذرات الغبار الدقيقة التي تؤلف العواصف الترابية فيما ترتفع الرياح الحارة لتلك المناطق نحو الأعلى حاملة معها، هي الأخرى كمية كبيرة من الأتربة وذرات الغبار وصولاً إلى ارتفاعات معينة تبرد عندها تلك الرياح وتكاد تتوقف في أعالي الجو لتعود الأتربة بعدها بالهبوط إلى الأسفل بفعل جذب الأرض مكونة أجواء ترابية مغبرة.