الحمد لله علام الغيوب.. الحمد لله الذي بذكره تطمئن القلوب.. الحمد لله الذي تجلى عند ذكره الخطوب .. الحمد لله الذي لا يحول ولا يزول .. حمداً يليق بجلال وجهه الذي لا يفنى.. وبعظيم سلطانه الذي لا يبلى.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبي الغالي (أبا فهد) لمحزونون.. يا الله ما أصعب فراق الأحبة ويا الله ما أقسى وداع الأخلة بكل معاني العجز أجد نفسي عاجزاً عن تصوير ما يعتريني من خلجات .. فلست أدري من أين أبدأ حديثي؟؟ وكيف سأبوح بمشاعري؟؟ فكلماتي ارتبكت وتوقفت .. وقلمي حائر متخبط بين السطور.. وعبرات مرة أختنق بها..!! كيف لا يكون ذلك؟؟!! وأنا حديثي عن منبع الحب الصافي .. حديثي عن تلكم الروح الطيبة.. عن ذلك القلب الحنون الذي ارتويت من عظيم حبه وعطفه.. الذي ارتميت في أحضانه بكل حب فكان لي كل الأمان... كيف وحديثي عن ذلكم الجبل الشامخ الذي ترعرعت على يديه فرسخ في نفسي أعظم صورة تجلت فيها أسمى معاني التضحية والتفاني... فلكم جاع ليطعمنا..!! وكم أشقى نفسه ليسعدنا..!! فكم؟؟ وكم؟؟ وكم؟؟!! ثم ها أنا اليوم أراه في سكون تاااااام .. أراه وقد فاضت روحه الطيبة إلى باريها.. ها أنا أراه أمام ناظري مسجى.... لا حول له ولا قوة. ها نحن الآن نحمله على أكتافنا والحال غير الحال!!!.. نحمله الآن لنواريه الثرى.. ونودعه هناك.. نعم فلقد ودعنا أبي الغالي ورحل... نعم لقد جف عني ينبوع الحب المتدفق.. ورحل عني صاحب القلب الدافئ.. نعم لقد ودعنا ورحل... ولكن ما نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل: فالحمد لله في السراء والضراء.. لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.. وإن كان المصاب عظيما... والخطب جللا.. والفقيد غاليا.. إلا أن ما يصبّر القلب بعد التسليم والرضا بما قدره الله... وما يبعث في نفسي العزاء... أن والدي رحمه الله كان من أهل القرآن .. فمنذ عرفته لا يفارق كتاب الله.. يتلوه آناء الليل وأطراف النهار... ويختمه في الشهر أكثر من مرتين أو ثلاث. وأهتف هنا بكل الحب والحنان... إلى من كان مقصراً في حق والديه.. الله الله بوالديك.. سارع لبرهما قبل فوات الأوان... ومرغ جبينك تحت قدميهما فثم الجنة.. والله إنها لجنة في الدنيا تذوق حلاوتها قبل الآخرة.. فسارع. ومن كان باراً بوالديه فطوبى لك واستزد أيها المبارك من هذا الخير العظيم ما استطعت إلى ذلك سبيلاً... وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على الباب إن شئت أو ضيعه). فالبدار البدار قبل أن يوصد هذا الباب.. وتحل ساعة الندم. إمام جامع الوكيل بحائل