ابتداءً من محوره الأساسي المتمثل في "حوار الثقافات"..تجسيداً لجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في هذا الصدد..وانتهاء باختيار معالي الأستاذ الدكتور الفاضل عبدالعزيز الخويطر..الشخصية المكرمة لهذا العام ومروراً بأوبريت الأمير الشاعر المبدع بدر بن عبدالمحسن (وطن الشموس) وإشراكاً لفرق شعبية من دول أخرى وفي مقدمتها الهند ولبنان كإضافة جديدة.. ** ينطلق غداً ، مهرجان الجنادرية في دورته الرابعة والعشرين..تكريساً للأهداف والتوجهات التي قام عليها..وسعى إلى تحقيقها..وفي مقدمتها: - أولاً: تجسير الفجوة الثقافية بين الشعوب وذلك بتعميق التواصل بين الحضارات الإنسانية على أسس فكرية وإنسانية وعلمية. - ثانياً: ترسيخ القيم الإبداعية..ونشرها..وتعميمها كي تصبح هدفاً أساسياً مهماً للتنمية الثقافية الخلاقة في المجتمعات الإنسانية. - ثالثاً: المزاوجة بين مختلف ألوان التراث وتوظيفها جميعاً في خدمة وعي الإنسان وزيادة درجة تواصله مع الإنسان الآخر..عبر رؤية ثقافية كلية تدمج بين الموروث الشعبي الأصيل وبين المنهج الفكري العلمي وبين الطرح الثقافي الحي والمتفاعل مع متطلبات العصر ومقتضياته. - رابعاً: إخراج الدول والشعوب من دائرة التفكير القطري..والفئوي..والأيدلوجي إلى التفكير الجَمْعي..والتوافقي..والتكاملي بعيداً عن التنافر..والصدام..بفعل العزلة والتقوقع داخل نطاق "الخصوصية" الضيقة.. - خامساً: تبني الحوار..هدفاً حضارياً..نحو البناء على المشتركات..وتقليص درجة التفاوت والتعارض..والتناقض..والاختلاف بين المواقف والتوجهات. ** والحقيقة أن "مهرجان الجنادرية" بهذا ..يكون قد رسخ فكراً مؤسساتياً..بمواصفات عالمية..وواجه التشدد..والتطرف الفكري بأدوات ووسائل علمية وحضارية قبل أي مؤسسة أو منظمة أو هيئة أخرى في هذا العالم.. ** بل إن المملكة بتبنيها هذا التوجه منذ قرابة ربع قرن..تكون قد سبقت كل دول العالم في التنبيه إلى أهمية الحوار بين الثقافات لإرساء قواعد بيئة ثقافية عالمية مُحبة للسلام والتعايش والتعاون.. ** حدث هذا قبل خمسة وعشرين عاماً..وذلك عندما تبنى (عبدالله بن عبدالعزيز) هذا التوجه وكلف به الحرس الوطني بحكم مسؤوليته المباشرة عنه.. ** إن اختيار الحرس بصورة أكثر تحديداً..وهو مؤسسة عسكرية وذات مسؤولية وطنية دقيقة..للاضطلاع بهذه المهمة..بدا وكأنه مقصود في ذاته.. ** فالهدف والغاية – كما يبدوان - من هذا التكليف..هما التأكيد على أن الفكر هو مسؤولية مشتركة..تقوم بها المؤسسات المدنية..كما تتحملها المؤسسات العسكرية وأن تضافر جهود الجميع لصنع حضارة الإنسان وتفوقه يؤدي في النهاية إلى التخلص من ربقات "التخلف" و "الانغلاق" ويفتح آفاقاً واسعة أمام تطلعات الإنسان نحو حياة أفضل باستمرار.. ** وليس غريباً إذاً.. ** أن يكون المحور الأساس لمهرجان هذا العام هو الحوار بين الثقافات.. ** فالرجل الذي وضع اللبنة الأولى لهذا اللقاء الحضاري المهم من خلال مهرجان الجنادرية..هو نفس الرجل الذي نقل فكرته إلى كل دول العالم وأشاعه بين شعوبه..وأصبح الطرح الذي شهدته مكةالمكرمة..ومدريد..بمثابة قضية عالمية تتصدر أجندة أعمال الأممالمتحدة..ورسالة تحياها كل دول وشعوب العالم وتعمل على تحقيقها.. ** ولذلك..فإن الاحتفاء بمهرجان هذا العام..إنما يشكل وقفة نحو انطلاقة جديدة لفكر متميز شع من هذه البلاد..لتعتنقه كل دول وشعوب العالم وتعمل على ترسيخه وتكريسه..وبالتالي فإن علينا أن نخطط منذ الآن لاحتفال ذي صبغة عالمية بمهرجان له مثل هذه المواصفات..ووضع أساساً لحوار الحضارات..منذ ربع قرن حتى أصبح اليوم قيمة حضارية عالمية وإنسانية..تحسب له..ولمن وضعوا قواعده..وأسس عمله..إلى جانب ملك الإنسانية..وفي مقدمة هؤلاء الرجال (فقيد الوطن الغالي) الشيخ عبدالعزيز التويجري..رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جناته.. ** والتهنئة بهذا الانجاز التاريخي..موصولة للأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز..الذي تابع ودعم هذا المنجز الحضاري ووقف خلف نجاحاته.. ** وأخيراً هي لأخي الدكتور عبدالرحمن السبيت..الذي وقف ومازال يقف وراء هذا العمل المؤسساتي والحضاري الكبير.. ** ثم هي لكل من ساهم ويساهم في إنجاحه كل عام من مثقفين..وعلماء..وفنانين..ومبدعين في كل مجال.. ** بل إن التهنئة بذلك هي لكل إنسان منح عقله..وقلبه..لهذا العمل الحضاري..منذ بدأ وحتى أصبح الآن..حدثاً عربياً..إسلامياً..عالمياً..حضارياً متجدداً باستمرار. *** ضمير مستتر: ** ( العقول المستنيرة..لا تسبق مجتمعها في التفكير في غده فقط..وإنما تقرأ مستقبله وتجنبه الكثير من الكوارث الضخمة أيضاً ).