الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تحت رعاية ولي العهد.. انطلاق أعمال المؤتمر السنوي العالمي    20 مليار ريال مشروعات وعقود استثمارية أُبرمت لخدمة الشرقية    الذهب يتراجع ب 38 دولارا مع ترقب الفيدرالي    السعودية أهم سوق واعد لاستثمارات صناديق الدين الخاص في الشرق الأوسط    المملكة الأولى عربياً وال 20 عالمياً في مؤشر «البنية التحتية للجودة للتنمية المستدامة»    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    «أونروا»: مليونا نازح في غزة تحت حصار كامل    الهلال يتوعد السد في قمة الزعماء    وزير الخارجية يلتقي وزيرة خارجية كندا    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    الرياض تستضيف نهائيات FIFAe 2024 في إطار شراكة جديدة بين الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية وFIFAe    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي    311 طالباً وطالبة من تعليم جازان يؤدون اختبار مسابقة «موهوب 2»    الدخول لمطل البجيري مجاناً احتفالا بالذكرى السابعة..    ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يزورون معرض السيرة النبوية    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    أمير تبوك يستقبل القنصل الكوري    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    جازان: انطلاق المخيم الصحي الشتوي التوعوي    تعزيز التسامح في جامعة نورة    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    وزير الخارجية يطالب المجتمع الدولي بالتحرك لوقف النار في غزة ولبنان    فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تطلق الحملة الوطنية للتدريب "وعد"    "هيئة الاتصالات والفضاء" توقّع مذكرة تفاهم مع الهيئة الوطنية الهيلينة للاتصالات والبريد    الاحتفاء بجائزة بن عياف    بنان يوسع مشاركات الحرفيين المحليين والدوليين    الرخصة المهنية ومعلم خمسيني بين الاجلال والإقلال    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    ملتقى الأوقاف يؤكد أهمية الميثاق العائلي لنجاح الأوقاف العائلية    الحُب المُعلن والتباهي على مواقع التواصل    7 أجانب ضمن قائمة الهلال لمواجهة السد    مدرب السد: غيابات السد لا تعطينا الأفضلية    بعد تصريحاته المثيرة للجدل.. هل يغازل محمد صلاح الدوري السعودي؟    تعليم جازان يحتفي باليوم العالمي للطفل تحت شعار "مستقبل تعليمي أفضل لكل طفل"    الباحة تسجّل أعلى كمية أمطار ب 82.2 ملم    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    قطاع ومستشفى بلّحمر يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    كايسيد وتحالف الحضارات للأمم المتحدة يُمددان مذكرة التفاهم لأربعة أعوام    «حساب المواطن»: بدء تطبيق معايير القدرة المالية على المتقدمين والمؤهلين وتفعيل الزيارات الميدانية للأفراد المستقلين    وكيل إمارة المنطقة الشرقية يستقبل القنصل العام المصري    أمير حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    الأهل والأقارب أولاً    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    انطلق بلا قيود    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القنفذة تودع قاضيها الأسبق حسين باسندوه إلى مثواه
نشر في الرياض يوم 22 - 02 - 2005

فجع الأهالي في محافظة القنفذة بوفاة الشيخ حسين بن أحمد باسندوه، أحد أبرز قضاتها اللامعين، وأشهر رجالاتها وأعيانها المرموقين. والشيخ حسين باسندوه لمن لا يعرفه ينتمي إلى إحدى الأسر التجارية الحضرمية العريقة التي استوطنت مدينة القنفذة منذ زمن بعيد، وبها ولد، ونشأ، وتعلم تعليماً أولياً أهله للالتحاق بوظيفة كتابية بمحكمة القنفذة، ثم تدرج في وظيفته هذه إلى أن أصبح واحداً من أنجح كتاب الضبط بالقنفذة في زمانه، فلازم قضاتها المجيدين، واكتسب منهم خبرة إدارية، ومعرفة بالعلوم الشرعية، وقدرة على استنباط القواعد والأحكام المطابقة للشرع، فضلاً عن درايته التامة بالأعراف القبلية، ونظم الزراعة والحرث السائدة في المحافظة.. كل ذلك مع حدة ذكاء، وفورة نشاط، وجذوة إخلاص في العمل فرض به الشيخ حسين نفسه على رؤسائه الذين قدروا له كل هذا النبوغ، ومنحوه ما استطاعوا من علم وتشجيع وتوجيه. وكان من ابرز قضاة القنفذة الذين استفاد الشيخ حسين باسندوه من علمهم وخبرتهم فضيلة الشيخ ابراهيم الحديثي (رئيس محاكم القنفذة الأسبق، ثم رئيس المحاكم الشرعية بمنطقة عسير فيما بعد)، وكذلك خليفته في منصبه الشيخ حامد عطي الذي تقاعد وهو على رأس عمله رئيساً لمحاكم القنفذة، وانتقل منها الى بلده «املج» حيث توفي بها رحمه الله. وهذا الأخير هو الذي رشح الشيخ حسين قاضياً للقنفذة، ثم مساعداً لرئيس محاكمها الذي كان - حينذاك - فضيلة الشيخ عيسى بن علي الحازمي (رحمهم الله جميعاً) الى ان تقاعد تقاعداً مبكراً بناءً على طلبه ليتفرغ لشؤونه الخاصة، وشؤون اسرته، ومجتمعه وبلده.
كان الشيخ حسين واحداً من حذاق القضاة الذين تقلدوا منصب القضاء في محكمة القنفذة، ومن اذكيائهم، وكان له قبول عند الناس، وحسن ظن، يثقون به، ويحوز قناعة المتخاصمين حتى الذين لا تكون احكامه في صالحهم، وكان حاسماً في القضايا التي تعرض عليه، سريع البت فيها حتى لو اقتضى الأمر منه البقاء في مكتبه إلى ما بعد الدوام بوقت يطول أو يقصر طالما بقي المتخاصمون في انتظار دورهم بالمحكمة للدخول عليه، وبسط دعاواهم بين يديه.
هذا ما حدثني به الأستاذ عبدالله حسين أبو صكعة القوزي، وكان من ألصق الناس بالشيخ حسين، ويعمل عنده على وظيفة كاتب ضبط قبل تقاعده (رحمه الله)، وانتقال الأستاذ عبدالله الى محكمة القوز التي افتتحت في عام 1401ه، حيث يذكر الأستاذ عبدالله ابو صكعة ان الشيخ حسين كان يعرض على موظفيه الإنصراف بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي لمن يحب الانصراف منهم، اما هو فيظل مع الخصوم في المحكمة، يستمع إليهم، ويقضي بينهم، ولا يؤجل أي قضية إلى يوم آخر إلا لإحضار شهود، أو لنقص في بعض محتوياتها أو إجراءاتها يتوجب استكماله لاحقاً. كما يذكر الأستاذ عبدالله أن الشيخ حسين كان لايحب الانتداب أو الخروج في مهمات تتطلب مصروفات سفرية، وأعباء مالية غير مرتبه الشهري، ولم يخرج طوال فترات توليه القضاء في مهمات خارج مقر المحكمة إلا مرتين، وفي قضيتين توصفان بأنهما معقدتان، إحداهما في العرضية، وكانت جناية قتل غامض في محيط أسري، والأخرى في بلدة الحبيل، وهذه الأخيرة لم تكن جنائية، ولكنها كانت من القضايا الشائكة والمعقدة كذلك، وكان انتداب الشيخ حسين لها بأمر ملكي في عهد الملك فيصل (رحمه الله). وقد عاصرتها شخصياً؛ لأنها تتصل ببلدتي التي ولدت ونشأت على ترابها، وكنت بحكم صلتي بالشيخ حسين، وثقته في قريباً منه في تلك المهمة، وقد رافقته في بعض جولاته الميدانية في بلدة الحبيل، وإنما بصفة غير رسمية. وقد نجح (رحمه الله) في تلك القضية نجاحاً منقطع النظير، ولا يزال يذكر بها خيراً حتى اليوم.. وأساس تلك القضية إدعاء مدعين في امتلاك أراضي سكنية واسعة مأهولة بسكانها في البلدة منذ أزمنة بعيدة، وتهدد هؤلاء المدعين للسكان بالطرد من مساكنهم دونما حجج دامغة، وكذلك الإدعاء في أراضي السوق وغيرها من الأراضي العامة. وقد استطاع الشيخ حسين بقدرته ومهارته إعطاء كل ذي حق حقه دون الإضرار بالساكنين، وبالمصلحة العامة التي اقتضت انتقال السوق إلى ملك الدولة. وللشيخ حسين باسندوه مواقف وقضايا يطول ذكرها، والاستطراد فيها.
اما بعد تقاعده فقط ظل (رحمه الله) قاضياً غير رسمي لأهل القنفذة، يتخاصمون إليه، ويحكم بينهم شرعاً وعرفاً، والجميع يثق به، ويرتضي حكمه. كما ظل مع المرحوم (بإذن الله) الأستاذ مصطفى السالك الشنقيطي (مدير مالية القنفذة الأسبق) عنصراً مهماً في تكاتف أهل القنفذة، وتعاونهم، وتضامنهم في مختلف شؤونهم، فلما توفي الأستاذ الشنقيطي اضطلع الشيخ باسندوه بذلك الدور منفرداً الى ان توفاه الله، والكل مجمع على صلاحه، وفضله، ولا يذكر اسمه إلا وينبع بالدعوات الخالصة، والذكر الحسن. ويحفظ للشيخ باسندوه (رحمه الله) حرصه على القيام بما يقتضيه الواجب الشرعي والاجتماعي والأسري من عيادة مريض، والعزاء في متوفى، وحضور مختلف المناسبات، وخصوصاً مناسبات الزواج التي كان يدعى إليها، والتي يقتضي منه حضور بعضها الانتقال من القنفذة الى خارجها، ولمسافات بعيدة، وقلما تحضر مناسبة زواج في قرى حلي أو المظيلف، أو دوقة، وحتى العرضيات دون أن تلتقي بالشيخ حسين فيها على الرغم من كبر سنه الذي تجاوز الثمانين عاماً. وآخر لقاء جمعني به (رحمه الله) كان في عزاء لقريب لي توفاه الله قبل شهرين من الآن. فكان الشيخ حسين من أوائل المعزين لي، ولأبناء المتوفى، وكان (رحمه الله) كما عهدناه، صادق الحديث، جهوري الصوت، كثير الدعاء، حاضر البديهة، طيب المعشر، تحس بصدقه في الحديث، وبقربه الى قلب محدثه.
رحم الله الشيخ حسين رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح الجنان، وعظم الله الأجر لأسرته الكريمة: إخواناً، وأبناءً، وأبناء إخوة، وحفدة، وجعل الخير دائماً موصولاً فيهم، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.