المتخصصون في القيادة، يدركون أن التغيير الإداري يمر بخطوات عدة ، تبدأ من التوجيه والتوعية، مروراً بإحداث الأنظمة وإجراء التغييرات في الهياكل الإدارية، وانتهاء بتغيير الأشخاص المسؤولين عن قيادة تلك الأجهزة والهياكل ، في حالة لم تتحقق أهداف التغيير المنشود، أو بقيت أمامه بعض العوائق. خادم الحرمين الشريفين ، بفطنته وحنكته وقراءته لحاجات الحاضر واستقرائه لمتطلبات المستقبل ، جعل التغيير هدفاً من أهدافه، التي يحرص على تحقيقها، من اجل تطوير هذا البلد وتنميته في كافة المجالات الاقتصادية والتعليمية والقضائية والاجتماعية وغيرها. وهو يسعى لإحداث ذلك التغيير، كان يدرك أهمية التدرج فيه، بطريقة تجعل ذلك التغيير مقبولاً من قبل الجميع، ومرحباً به للتطبيق على ارض الواقع. جميعنا يدرك توجيهاته ، في أكثر من مناسبة، للوزراء ومساعديهم القائمين على أجهزتنا التنفيذية للاهتمام بتطوير أجهزتهم والرقي بها ، والعمل على رفع مستوى الخدمات التي تقدمها تلك الجهات ، بل لا زال الكثير يتذكر كلمته عند إعلانه ميزانية العام الماضي حينما وضع الوزراء أمام مسؤولياتهم بمقولته الشهيرة ( الآن مالكم عذر). لم يتوقف خادم الحرمين الشريفين عند حدود التوجيه والحث، ووضع الوزراء والمسؤولين أمام مسؤولياتهم ، بل اصدر قراراته المتعددة، واقر الكثير من المشروعات التي تهدف إلى الرقي ببعض القطاعات الخدمية، حيث جاء مشروعه لتطوير القضاء ، ومشروعه لتطوير التعليم العام وكذلك برامج الجامعات ومشاريعها وبرامج الابتعاث. ورغم أننا بدأنا نلمس اثر بعض هذه المشروعات على ارض الواقع ، ذلك لتحقيق متطلبات المواطن وتوقعاته، كان لابد معها من اتخاذ خطوة متقدمة من مراحل التغيير ، وهي مرحلة تغيير الأشخاص المسؤولين عن قيادة المؤسسات الحكومية ، وهو الأمر الذي صدرت به أوامر كريمة مطلع هذا الأسبوع. إن تغيير القيادات القائمة على رأس الهرم الإداري في أجهزتنا الحكومية وضخ دماء جديدة يعتبر مطلباً أساسا لتحقيق الطموحات والأهداف التي يسعى إليها خادم الحرمين الشريفين ويؤكدها في كل مناسبة . إذ أن جهوده السابقة المتمثلة في التوجيه وتحديد المسؤوليات، وبعد ذلك إقرار الكثير من المشاريع والميزانيات والبرامج لأجهزتنا الحكومية، كانت أرضية لابد من تهيئتها قبل إحداث هذا التغيير ، حيث يجد هؤلاء المعينون أنفسهم في مكان لا يستطيعون معه الاعتذار سواء أمام القيادة أو أمام المواطن، فالأمور جميعها مهيأة لهم ومنذ اليوم الأول للعمل الجاد لتحسين الخدمات التي تقدمها أجهزتهم. جاء تغيير القيادات، وضخت دماء جديدة في شرايين جهازنا الحكومي، وتيقى المسؤولية الآن على عاتق هذه القيادات الجديدة التي يتطلع الجميع لما ستحدثه من تغيير وتطوير في جهازنا الحكومي، ويبقى الأمل في استمرار ذلك التوجه الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين ليطال أجهزة أخرى بحاجة إلى تحريك مياهها الراكدة.