كان شكها أولى خطوات اليقين حين بدت دلائل خيانته.. قُتلت مرتين على يد والدها ويديه، ثم أقامت حفل تأبينها الثالث وشيعها المجتمع إلى مثواها الذي يحتضن آلاف المطلقات ولايزال!! تقول: «رماني والدي طفلة بين يديه، كان يكبرني عمراً فتحول الرجل المسن إلى طفل يلهو بلعبته الأثيرة وتحولت إلى دمية يرميها متى شاء غير آبه بكياني أو إنسانيتي». هكذا سردت من رمزت لاسمها ب «سين» لتضيف فصلاً جديداً من مأساتها «عند عودتي للبيت آتية من منزل والدي القريب فوجئت بوجود قطعة ملابس نسائية بغرفة النوم فساورتني الشكوك حينها وقطعت الوهم لاكتشاف أنه يخونني حينما واجهته بالأمر لم ينكر ذلك بل برر فعلته بأنه رجل من حقه ان يفعل ما يشاء»!! تضيف بحرقة: انكشفت رجولته الهشة حينها.. طلبت الطلاق فلم يتردد وسددها ثلاثاً في وجهي!! تتحسر قائلة: ضاعت سنوات عمري معه هباءً.. مجرد ذكريات ضبابية مليئة بالوهم، وطفلة قدرها ان تعيش فصلاً من معاناة أمها المطلقة. بتلك الكلمات لخصت «سين» قصتها ليبدأ البحث عن خيط الحقيقة.. أسئلة كثيرة حائرة تلاحقنا في بحثنا عن ظاهرة الخيانة الزوجية فالضحايا يلوذون بصمت مطبق يقابله عدم وجود احصاءات دقيقة فالقضية حساسة - مع وجودها - وما تحتويه سجلات الشرطة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومكاتب اصلاح ذات البين بالمحاكم هو من الأمور التي توجب الستر والسرية والقضايا غير قابلة للنشر!! يقول أستاذ الشريعة د. محمد رواس قلعة بأن الحياة الزوجية لا تصفو ولا تسمو إلاّ في جو تسوده الثقة، يقول الله تعالى «يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون»، و«الخيانة محرمة شرعاً وعرفاً وأثرها السلبي الخطير يعود على الفرد وعلى الأسرة بكاملها رعيته». وأكد المحامي عبدالله آل كلة على ان الخيانة تعتبر جريمة، ولكن تختلف في حدود تطبيق العقوبة من بلد إلى آخر، وهناك بلاد تطبق الشريعة الإسلامية في الزنا وتعتبره حداً من حدود الله، ولهذا تطبق فيه عقوبة الرجم للزاني المحصن وعقوبة الجلد والتغريب للأعزب في حال ثبوت الزنا، أما في حال عدم ثبوته فيمكن للقاضي الحكم بالعقوبة التعزيرية». أما بالنسبة للأثر القانوني للخيانية فيوضحه بقوله «خيانة الزوجة لزوجها يسقط حقها في المتعة وبقية حقوقها لمؤخر الصداق وحق الحضانة إذا كان الأولاد في سن التمييز ولا تحتفظ إلاّ بالطفل الذي دون العامين، أما الزوج الذي تثبت عليه الخيانة «الزنا» فتستطيع الزوجة رفع دعوى قضائية تطالب من خلالها بالطلاق وبالتالي تستحق جميع الحقوق المترتبة على ذلك بالإضافة إلى حقها في المطالبة بالتعويض عما أصابها من ضرر معنوي. احصائيات ولعل النسب المتاحة المتوفرة حالياً هي نسبة الطلاق بالمملكة، ففي آخر احصائية صادرة عن وزارة العدل أظهرت ان هناك 24428 صك طلاق وتصدرت منطقة الرياض أعلى نسبة في ذلك بواقع 7085 صكاً، هذه النسبة ولمحاذير قانونية ومجتمعية لا يتم ذكر الحالات الناتجة عن الخيانة الزوجية ضمنها بل تُعدّ من أسباب الطلاق العامة. وينسحب هذا الموضوع على دول منطقة الخليج وبقية الدول العربية والإسلامية وعوضاً عن البحث عن نسب دقيقة هناك توجه لاستحداث مراكز اجتماعية تستقبل مثل هذه الحالات وتقدم المشورة والعلاج مجاناً وبالرغم من جهود هذه المراكز والجمعيات إلاّ ان تأثيرها محدود ونشاطاتها الإعلامية شبه غائبة. المتخصصون في علم النفس يرون ان الخيانة ظاهرة اجتماعية سلبية موجودة في مختلف المجتمعات الإنسانية وان منشأها وجود خلل ما في العلاقة الطبيعية التي تربط بين الأزواج بسبب بعض السلبيات أو التأثير الخارجي للثقافات والحضارات. ويعرف استشاري الأمراض النفسية الدكتور سلطان الشهراني الخيانة الزوجية بأنها علاقة غير مشروعة بين أحد الزوجين مع طرف ثالث، وأبسط أمثلتها المحادثات الهاتفية غير الشرعية، مؤكداً على حدوثها من الرجال أكثر من النساء!! وأضاف د. الشهراني ان السبب الرئيسي لخيانة أحد الزوجين للآخر ضعف الوازع الديني عند أحد الزوجين أو كليهما، وهذا السبب غير مذكور في المجتمعات الغربية ولكنه بلا شك أهم الأسباب، ويليه سوء الاختيار من قبل أحد الطرفين للطرف الآخر قبل الزواج، ومن المسببات نقص العاطفة الزوجية المشروعة ليست الحميمية فقط، بل الأهم هو عدم اشباع العاطفة النفسية، وهي نقص الحب والرحمة والمودة بين الزوجين، مشيراً إلى ان ابتعاد أحد الزوجين بكثرة عن المنزل ولفترات طويلة، فضلاً عن كثرة المشاكل الزوجية وكثرة الجفاء، الذي يرتبط بالسبب السابق وهو اتساع فجوة الابتعاد بينهما، هي من الأمور المسببة للخيانة بشكل أو بآخر. وفيما يتعلق بالأسباب المجتمعية أضاف ان الاختلاط المباشر والخلوة غير الشرعية المباشرة قد يؤديان إلى سهولة التعرف على الطرف الثالث، ومن هنا تبدأ الخيانة إذا ما ساعد على ذلك ضعف الوازع الديني، ومشورة رفقاء السوء، فضلاً عن ادمان المخدرات، أو الرغبة في الانتقام، وأحياناً إذا قام أحد الطرفين بالخيانة فإن الطرف الآخر يبادله نفس الفعل انتقاماً».