هذه الاستفسارات والصرخات من الزوجات تأتي بالعشرات لرئيس لجنة التكافل الأسري في المنطقة الشرقية الدكتور غازي الشمري الذي كشف عن ازدياد كبير في الشهور الماضية لزوجات يشتكين أزواجهن بسبب حديثهم مع نساء غريبات وادعائهم بأنهم قد طلقوا زوجاتهم للتقرب من الفتيات واستجداء عاطفتهن وإيقاعهن في شباكهم. فقد أوضح الدكتور غازي أنه يصله شهريا أكثر من عشر حالات من نساء متزوجات يسألن نفس السؤال، هل يقع الطلاق في حال عرفن أن أزواجنا قد طلقونا عندما يحادثون فتيات غريبات؟! وهل معاشرتهم لنا أصبحت تدخل في دائرة الزنا المحرم؟! وما مصير بيوتنا وأولادنا؟!. تذمرت فاطمة من كثرة مكالمات زوجها السرية خصوصا في ساعات الليل المتأخرة، فقررت قطع الشك باليقين والتجسس على إحدى مكالماته، ففي إحدى الليالي، وبعد أن أظهرت نومها، انسل زوجها كعادته من فراشه ليذهب للغرفة الأخرى عندها قامت وتبعته وألصقت أذنها في الباب لتعرف مع من يتحدث زوجها! وماذا يقول؟ عندها لم تصدق ما يقول، لقد سمعت زوجها يهاتف إحدى البنات الغريبات معاكسا ولم يكتف بذلك، بل ادعى للفتاة أنه غير مرتبط وأنه طلق زوجته منذ أكثر من عام.. لتدخل فاطمة في دوامة جديدة بعيدة عن خداع وخيانة وكذب وغدر زوجها، وهي هل وقع طلاقها من زوجها فعلا بحديثه هذا؟ أم أنها لا تغدو سوى مخدوعة وأن طلاقها من زوجها لم يحدث!. أسئلة كثيرة حائرة تطلقها الزوجات المظلومات اللواتي أبتلين بأزواج لا يخافون الله ولا يراعون مشاعر زوجاتهم ولا مصير أبنائهم، ويتصفون بالغدر والكذب والخديعة والخيانة. حالات وحالات منها ما علم ومنها مالا يعلم في ظل غياب وجود إحصائيات دقيقة عند اللجان الأسرية ومراكز إصلاح ذات البين عن العدد الدقيق لمثل هذه الحالات رغم تأكيد الجميع بأن هناك ازديادا لشكاوى النساء من خيانة أزواجهم وادعائهم بأنهم قد طلقوا زوجاتهم. ونظرا لحساسية القضية خصوصا إذا ثبت وقوع الطلاق وخطره على كيان الأسرة في المجتمع والتي تشكل العمود الفقري له قررت «عكاظ» فتح الملف الشائك مع نخبة من الفقهاء من كبار العلماء والقضاة والمستشارين الشرعيين والاجتماعيين متسائلة عن الحكم الشرعي لمن ادعى طلاق زوجته منه كذبا وطمعا في استعطاف الفتيات المعاكسات والتقرب منهن، وهل يقع الطلاق بالفعل أم أنها تظل في حكم المرأة المخدوعة؟ وما مصير الزوجة والأبناء في حال وقوع الطلاق؟ وتساءلت عن أسباب انتشار هذه القضية وأبرز حلولها؟ مستعرضة بعض القصص في سياق التحقيق التالي: تسرد أم محمد قصتها مع زوجها الخائن بقولها «لاحظت في الآونة الأخيرة كثرة اتصالات زوجي، لذا قررت أن أعرف ما فحوى هذه الاتصالات، فأخذت جواله خلسة بعد أن عرفت الرقم السري لأفاجئ بالرسائل المرسلة لفتاة غريبة يدعي فيها بأنه يعيش وحيدا وقد طلق زوجته بسبب حالة التعاسة التي عاشها معها بحسب وصفه رغم أنني ما زلت على ذمته، ولدي من الأبناء خمسة ما بين ذكور وإناث». وتضيف «أعيش في حيرة هل أنا مطلقة فعلا؟! وهل معاشرة زوجي لي تأتي في سياق الزنا المحرم؟! أصبحت حياتي جحيما ولا أعلم ماذا أفعل مع زوجي الخائن الكاذب الذي واجهته بما وجدت فأنكر وغضب». ولم تكن مأساة حياة بأقل من سابقتها، فقد اكشتفت أن زوجها يتحدث مع فتيات أخريات ويدعي أنه يعيش بمفرده بعد أن طلقني! وقد وجدت أكثر من بريد إلكتروني يحوي محادثات مع فتيات غريبات تؤكد هذا الكلام!. وقد نبهتني إحدى زميلاتي لمسألة وقوع طلاقي منه إذا قال ذلك بالفعل مما جعلني في دوامة، فأنا حامل في الشهر الثامن، ومثل هذا الخبر يثير خوفي وانزعاجي على مستقبلي ومستقبل أبنائي، أتمنى أن أجد ردا على صرختي المدفونة مع زوج خائن ومخادع وكاذب. معاكسة الفتيات ويعترف عبد الله بأنه لم يعلم أن كذبه على فتاة عاكسها وادعاءه بأنه قد طلق زوجته يدخل علاقته الزوجية في نفق مظلم مع إمكانية وقوع الطلاق على أرض الواقع بما قاله، مؤكدا أنه لم يقصد من قوله هذا سوى التقرب من الفتاة واستمالتها بادعاء أنه يعيش وحيدا بلا امرأة، مؤكدا أنه يشعر بندم كبير بعد أن تحدث معه الدكتور غازي الشمري وبين له خطورة فعله، داعيا إلى ضرورة أن يقوم الإعلام بدوره في توعية الرجال بخطورة أفعالهم هذه وتنبههم لكلامهم وعباراتهم. بدوره اعتبر رئيس لجنة التكافل الأسري الدكتور غازي الشمري أن المسألة باتت في غاية الخطورة بعد كثرة الشكاوى من نساء متضررات من أزواجهن بسبب معاكستهم لنساء أخريات وادعائهم بأنهم قد طلقوا زوجاتهم، ولفت الشمري إلى أن المسألة تبدو أكثر خطورة كونها تتعلق بالطلاق الذي ينهي الرباط بين الزوج وزوجته بسبب نزوة عابرة، مطالبا الأزواج بتقوى الله والالتفات إلى أحاديثهم وألفاظهم وعدم الاستهانة بأمر الطلاق، وأرجع الشمري تنامي هذه القضية بضعف الوازع الديني والأخلاقي والفقدان العاطفي وقصور المرأة للقيام بواجباتها الزوجية وعدم قيام وسائل الإعلام بالتنبيه لخطورة هذه المسألة، داعيا أئمة المساجد والخطباء والدعاة للقيام بأدوارهم في القضايا الاجتماعية على غرار هذه المسألة. حل ودي وأقر عضو لجنة إصلاح ذات البين الدكتور علي المالكي بوجود حالات غالبا ما يتم حلها بشكل ودي مع الأزواج عن طريق النصح والإرشاد والموعظة الحسنة وبيان خطأ ما أقدموا عليه، مشددا على أهمية العلاج الفوري لهذه المسألة ببيان حرمة ما فعلوه من قبل الفقهاء والعلماء وأئمة المساجد، إضافة لعمل دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج للحد من التفكك الأسري وإيجاد انسجام بين الزوجين مما سيكون له أكبر الأثر في الانعكاس على البيوت. ولم يذهب أستاذ النظم القضائية في جامعة الملك عبد العزيز الخبير في المجمع الفقهي الإسلامي الدولي في جدة والمأذون الشرعي الدكتور حسن سفر، برأيه عما طرحه الشمري والمالكي، مؤكدا على وجود شكاوى من نساء يتعرضن للغدر والخيانة من أزواجهن ويدعون أنهم قد طلقوا زوجاتهم رغبة في التقرب من الفتيات الغريبات. ورأى سفر أن ما يقوم به هؤلاء الرجال يدخل في إطار معصية الله بالتحدث مع نساء أجنبيات بكلام غير لائق والكذب وخيانة وخديعة الزوجات، مؤكدا أنه لو لم يقع الطلاق فإن ما فعلوه يعتبر ذنبا عظيما يجب أن يسارعوا إلى الله بالتوبة منه، فالزاني يزني بجدار بيته، محذرا الأزواج من معاكسة الفتيات والكذب عليهن حتى لا يحصل مع بناتهم وأخواتهم نفس ما فعلوه مع الفتيات الغريبات، وأوضح سفر أن الطلاق لا يقع في مثل هذه الحالات إلا إذا كان ينوي الطلاق فعلا أو طلق زوجته، مطالبا الزوجات بالقيام بحق أزواجهن كونهن يتحملن جزءا من المسؤولية. مسؤولية الزوجات كلام سفر صادقت عليه الباحثة الاجتماعية الأكاديمية والكاتبة الدكتورة ميسون الدخيل التي رأت أن الزوجات يتحملن مسؤولية انصراف أزواجهن والحديث لنساء غريبات، مشيرة إلى أن المرأة عندما لا تعطي زوجها حقه الكامل في الحب والمؤانسة والمودة والمعاشرة بالمعروف والتلطف بالأقوال والأفعال والوقوف معه في الأزمات والفرح لفرحه والحزن لحزنه، فإنه يحاول تعويض ما يفتقده عند زوجته لدى نساء أخريات ولو عن طريق علاقات محرمة وبادعاء طلاقه من زوجته كذبا. وأضافت الدخيل «لاشك أن عمل المرأة قد يحرم الزوج من بعض حقوقه مما يجعله يبحث عن الحب والاهتمام المفقود في الخارج»، مطالبة النساء العاملات بعمل التوازن بين مسؤولياتهن خارج البيت ومسؤولياتهن داخله، معتبرة أن بيت المرأة أولى من أي شيء آخر، لأنه إذا هدم المنزل فإن الأبناء هم من سيدفعون الثمن. ولم تستثن الدخيل الرجال من المسؤولية إذا اعتبرتهم شركاء من خلال إحساسهم بالمسؤولية ومصارحتهم زوجاتهم في حال إحساسهم بالنقص والحاجة بدلا من إقامة علاقات محرمة في الخارج، ولاحظت الدخيل وجود عدد من الرجال الذين لا يملكون أدنى ذرة من المسؤولية والضمير والإحساس فيدفعون بتضحيات زوجاتهم عرض الحائط ويتجهون لإقامة العلاقات وادعاء طلاق زوجاتهم كذبا وبهتانا دون مراعاة لمشاعرهم وأحاسيسهم، مطالبة كل الجهات الدينية والإعلامية والتربوية والاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني بالتوعية لبناء بيوت سليمة حتى تكون ثمارها سليمة، داعية المحاكم بعدم الاستعجال في التطليق لكن دون إيقاع الظلم على أي طرف. الحكم النهائي وبين القاضي في المحكمة الجزائية في الرياض الدكتور عيسى الغيث أن قضايا الطلاق ليست من اختصاص المحكمة وإنما تعاد لمفتي عام المملكة أو من ينوبه في المناطق لينظر في القضية ثم يطلق الحكم النهائي حولها والتي تعتمده المحاكم العامة، مفيدا أن هذه القضايا تحسم من المفتي من عهد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وبين الغيث أن المحاكم العامة تستقبل قضايا الطلاق بكل أنواعها وتقوم بتوثيق كلام الزوجين ثم يرفع للمفتي للنظر في المسألة، مشيرا إلى أنه إذا وقع الطلاق عندها يتم استخرج صك الطلاق من محاكم الضمان والأنحكة. ورأى الغيث أن الطلاق لايقع في حالة إخبار الرجل للفتاة بأنه قد طلق زوجته، معللا رأيه بأن ما يحدث هو إخبار عن شيء سابق يحتمل الصدق والكذب، مشيرا إلى أن الرجل لم يهزل وإنما أخبر والطلاق لايقع في حال الإخبار، مشددا على أن الرجل يجب ألا يعزر بسبب إخباره بأنه قد طلق كذبا رغم حرمة ما قام به وأثره السلبي على زوجته وأسرته، داعيا الجميع بالتكاتف لحل المشاكل الأسرية في ظل ازدياها وتفاقمها في المجتمع يوما بعد يوم.