أولاً وول ستريت، ثم قطاع السيارات، والآن هوليوود.. كيفما نظرنا نجد أن الولاياتالمتحدة تفقد هيمنتها في الميادين التي كانت تتفوق فيها. وفي صبيحة الاثنين، أطاح النجاح الكاسح للفيلم الهندي "المليونير المتشرد" بعرش استوديوهات هوليوود، بفوزه بثماني جوائز أوسكار أثارت موجة من الاحتفالات في مومباي التي عرفت سابقاً باسم بومباي. وروى الاحتفال ظمأ المدينة بسكانها البالغ عددهم 14 مليون نسمة، والذين ما زالوا يتعافون من المذبحة التي تسبب بها حفنة من عشرة إرهابيين في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وألقى الضوء على النجاح المذهل لصناعة السينما في مومباي، أو ما يعرف ببوليوود. وتبيع بوليوود تذاكر لسكان الهند الذين ينوف عددهم عن مليار نسمة، أكثر من أي قطاع لصناعة السينما في العالم، فيما يمتد نفوذها الثقافي أبعد من حدود الهند ليصل إلى اندونيسيا شرقاً ويمتد إلى الساحل الإفريقي. ويقوم نجاح بوليوود على إنتاج الأفلام العائلية الخفيفة بكلفة زهيدة، يخجل المديرون التنفيذيون والمنتجون والكتاب والمخرجون في هوليوود من ذكرها. فبوليوود تستعيد بشكل من الأشكال فلسفة "ميترو غولدن ماير" في الإنتاج، والقائلة بوجود نجوم لديها أكثر من نجوم السماء. وبذلك، فإن فيلم "المليونير المتشرد" يجسد من حيث تقنيات التصوير والمواقع والقصة والسيناريو الوريث الفعلي لكل ما من شأنه ان يفرح الجماهير. أما المجالان اللذان تحافظ هوليوود فيهما على تفوقها فهما صناعة الأفلام المفرطة في العنف والجنس من جهة، والأفلام العالية الكلفة والمليئة بالمؤثرات الخاصة والخيال العلمي وأفلام الأبطال الخارقين من جهة أخرى. وكما قطاعات صناعة السيارات والمواد الاستهلاكية المعمرة، تخلى صانعو الأفلام الأميركيون عن المجالات المهمة والأقل ادعاء في أدنى هرم الإبداع، فيما هرعت إليها دول أخرى وعلى رأسها الهند، ففيلم "المليونير المتشرد" يتضمن الكثير من التشويق والعنف، لكنه لا يقارن مثلاً بفيلم "فارس الظلام". وشكل حفل توزيع جوائز الأوسكار دعوة لليقظة لكثير من الأميركيين، فقد بدا رمزياً جداً أن يتولى الممثل الأسترالي هيو جاكمان تقديم الحفل الأروع لتوزيع الجوائز في الولاياتالمتحدة. كذلك، كانت ليلة الأوسكار مميزة لبريطانيا ممثلة بكيت ونسلت، وعندما لم يكن الفائزون بريطانيون، كانوا هنوداً واستراليين أو اسبانا. أميركي وحيد، هو شون بين، حل بين الفائزين بجوائز التمثيل الأربعة. وحصد أوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم "ميلك". الفيلم ممتاز وجاء أداء بين فيه لافتاً، لكنه لم يحقق نجاحاً تجارياً ولا استقطابا جماهيريا بحيث يمكن تصنيفه علامة رئيسية في قطاع صناعة السينما. أما مواطن جاكمان الأسترالي، الممثل الراحل هيث ليدجر، ففاز بأوسكار أفضل ممثل في دور ثانوي لأدائه الاستثنائي في دور الجوكر المجنون في فيلم "فارس الظلام"، وهي المرة الأولى تمنح فيها الجائزة لممثل متوف مذ حصل بيتر فينش عليها عام 1977.