للمكان أهمية بالغة في النفس البشرية حيث تتوغل ذكرياته بكل تفاصيلها الدقيقة أعماق الذات وتحرك الاشجان فالمكان يرتبط بالأحداث وبالقيم الاجتماعية وملامح الوجوه وغير ذلك من الشحنات الصدرية التي صاحبت النشأة وبقيت حبيسة إدراج الروح تثار بين فترة وأخرى وبطرق مختلفة فيختلج الحنين في صدورنا ونسترجع الذكرى بعد ان يدق ناقوس المكان شغاف القلب. لهذا لا نستغرب التوافق في الرؤى والارتباط بين الإنسان والمكان في كل أعمالنا الأدبية من قصيدة وقصة قصيرة ورواية وغيرها من الأجناس الأدبية وبالنسبة لي فقد نشأت في طفولتي المبكرة قبل الوصول للرياض في مدينة عرعر وبقيت طوال فترة دراستي الأولى في مدرسة جرير بالملز أحن لأصدقاء الطفولة وذكريات الأماكن ووجوه الأقارب والآن وبعد عدة عقود ومع ارتباطي بعلاقات شاملة بفضل الله ما زال الشوق يأخذني إلى تلك المدينة التي بقيت على حالها لم تتأثر المدينة إلا بالبناء والعمران اما انسانها فقد بقي على حالته يمارس قيمه الأصيلة ويرفض كل مستورد ينافي عادته لهذا احببتها . فالشوق يأخذني نحوك كلما مر ذكراك أو كلما صدح عندليب يشدو بصوته عشقاً وهياماً وشوقاً لك، حبيبتي لا ادري كيف كتبت هذه المقالة بل أنها هي من كتبني بعدما ما وقع بين يدي نص هذه القصيدة وتذكرت صوت شاعره وهو (يلعب) على ربابته بصوته العذب ويتغنى لمعشوقته ويردد: يا جرح قلبي جرح عرعر لواديه إن جاه من نو الثريا مخيله غراء تدربي من وحمها هواديه والي على رأس الزيارة تشيله نقر لها الشرقي وسكر شماليه وصبت غزير الماء لمن يشتهيله كل مفردات هذه القصيدة تشدني نحو المكان والذكريات الجميلة والأصدقاء الذين أخفقت في تقديمهم إعلامياً لأنهم تجاوزوني وما زلت أتعامل معهم كتلميذ يستفيد من تجاربهم، وتسعدني نجاحاتهم واختار لهم ابياتاً من رائعة الشاعر فرحان بن قيران الصقري الذي سوف أقدم بعضاً من أبياته ونحن على موعد مع وقفة لنصوص شاعرنا الجميل في قادم الأيام: كريم يا برق على الدار ياضي ليل الشتاء هزه وحرك سكونه جعله على شعبانها والفياضي جعله على عرعر تهامل مزونه أحبها لو نشفت لي حياضي تبت يدين اللي حبيبه يخونه