بينما أنا جالس لكتابة هذا المقال، لايزال باستطاعتي التذكر بوضوح الصورة على الصفحة الأولى من هذه الصحيفة في يوم الأربعاء 10محرم 1430.الدماء والرضوض على وجه فتاة غزاوية ميتة خرجت من تحت الأنقاض. لقد كانت صورة مرعبة تخبرنا حكاية المعاناة والبؤس اللذين يعاني منهما المدنيون في قطاع غزة طيلة هذا النزاع. لقد كانت صورة ذكرتنا بحقيقة انه ليس في الحرب بطولة، لأنه لا يمكن أن تكون هناك بطولة في صراع يخلف طفلة صغيرة ميتة تحت الأنقاض. منذ بداية الصراع كانت الحكومة البريطانية تنادي بوقف فوري لإطلاق النار. إن السبيل الوحيد لحل القضايا التي أدت إلى هذا الصراع هو الحوار وليس العنف. وقد كانت حجة دولة معالي رئيس الوزراء البريطاني، السيد جوردون براون، خلال اتصالاته مع القادة الدوليين تتمثل في أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذه الأزمة، وأن أعمال العنف التي شهدناها جميعا لن تؤدي إلا إلى انتكاس احتمالات السلام. لقد تحول انتباه العالم الأسبوع الماضي إلى نيويورك لفترة قصيرة. فقد توقعت وطالبت الشعوب في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا وبقية العالم مجلس الأمن الدولي بالتحرك. وتضافرت جهود صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، والأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى، ووزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند لدفع مجلس الأمن لوضع خلافاته جانبا وإصدار القرار رقم 1860الذي دعا إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار. لقد عملت في الشرق الأوسط لفترة طويلة. إلا أنني لم أشاهد في حياتي أبدا وزير خارجية دولة غربية يعمل مع وزير خارجية دولة عربية بصورة وثيقة مثلما عمل معا السيد ميليباند والأمير سعود الفيصل خلال الأسبوع الماضي. إن كلا الرجلين يستحقان الثناء الكبير على سعيهما الحثيث من اجل الحصول على قرار من مجلس الأمن. بالطبع نحن الآن بحاجة إلى التحرك لدعم سريع وحاسم لتنفيذ القرار 1860.ونحن في حاجة لمحاولة التخفيف من معاناة سكان غزة. ولهذا السبب انضمت الحكومة البريطانية إلى السعوديين في جميع أنحاء المملكة الذين جمعوا تبرعات لشعب غزة. وقد أعلن معالي وزير الدولة البريطاني لشؤون التنمية الدولية، السيد دوجلاس ألكساندر، في يوم 8محرم 1430بأن جزءا كبيرا من مساهمات حالات الطوارئ في الحكومة البريطانية سيذهب إلى النداء العاجل الذي وجهته الأممالمتحدة مؤخرا. إن هذه الأموال ستساعد الأونروا في إطعام أكثر من نصف مليون شخص، وتوفير المأوى لما لا يقل عن 5000شخص من الذين دمرت منازلهم أو ممن تعرضوا للتهجير نتيجة للعنف. كما أنها سوف تخصص أموالا إلى حتى 2500أسرة ممن لا يستطيعون الحصول على الأدوات المنزلية الأساسية. ومع كل يوم افتح فيه صحيفتي أصاب بالصدمة وتفزعني صور الضحايا. وقد كتبت على هذه الصفحات من قبل عن ضرورة بذل كل ما في وسعنا لدفع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأنا أتفق مع خادم الحرمين الشريفين بصورة أساسية في أن الحوار بين الأديان والثقافات في العالم يمكن أن يساعد على العيش في سلام. إن اليوم هو اليوم الأخير في منتدى الشباب السعودي البريطاني. وقد أمضى 20شابا سعوديا و 20شابا بريطانيا الأسبوع الماضي في مناقشة ثقافاتهم، وعقائدهم، وآمالهم، ومخاوفهم. وسيقومون بإنشاء مشاريع تتيح لهم مواصلة هذا الحوار وهذه الصداقة التي من الممكن أن تحسن فهمنا لبعضنا البعض. وإنني آمل وأدعو أن يكون بإمكاننا يوما ما تطبيق مثل هذا المشروع بين الشباب الإسرائيليين والفلسطينيين. ان دائرة اليأس والمعاناة يجب أن تتوقف. @ السفير البريطاني لدى المملكة