لقد شاءت إرادة الله - عز وجل - أن يرحل عن هذه الدنيا الفانية الأستاذ طلعت وفا رحمه الله بعد صراع مرير مع مرض لم يعطه الفرصة لالتقاط الأنفاس، فكانت المفاجأة بمرضه محزنة ومؤلمة لكل محبيه - وما أكثرهم - ولكل من سمع وعرف عنه. وحرص صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد - حفظه الله - على علاجه في الولاياتالمتحدةالأمريكية من هذا المرض الخبيث، الذي كان بالرغم من شراسته وتأثيره الواضح على الفقيد الا انه حاربه بضراوة معتمداً على الله عز وجل ثم على معنوياته العالية التي مكنته من الصمود فترة اطول تجاه هذا المرض العاتي، ولم يتوقف طيلة فترة مرضه من أداء واجبه كصحفي محترف مواصلاً نشاطاته الإعلامية حتى الرمق الأخير من حياته، منطلقاً من حس وطني وضمير حي كبيرين، حيث كان يداوم في الأيام الأخيرة على كرسي متحرك، الا انه لا راد لقضاء الله تعالى. ولقد تعرفت على الفقيد عندما كنت اعمل في سفارة المملكة في واشنطن، وكان هو مديراً لمكتب "الرياض" في الولاياتالمتحدة فكان شعلة من الذكاء والنشاط والموهبة الإعلامية وكنت اتوقع له هذا النجاح الباهر والمركز الصحفي الذي وصل اليه واستمرت صداقتنا منذ تلك الأيام تزداد قوة ومتانة، فكان بخلقه ولطفه وابتسامته وعلمه يكسب يومياً مزيداً من الأصدقاء، وكذلك يتعرف على كبار المسؤولين بالمملكة وخارجها حريصاً بالتالي على حضور كافة المناسبات والزيارات والمؤتمرات السياسية وإجراء المقابلات خلالها مع القادة والزعماء الأجانب بأسلوب ذكي وحجة قوية وتسلسل منطقي للأفكار والأسئلة، مدافعاً بحماسة عن قضايا أمته العربية والإسلامية فأعطته ثقافته العلمية الكبيرة وخبرته العملية العالية ميزة تفوق فيها في مجاله الصحفي حتى أضحى في مستواه الإعلامي على درجة كبيرة ينافس فيها زملاءه داخل المملكة وخارجها، لذلك كانت خسارته ليس لوطنه المملكة فحسب بل على المستويين العربي والإسلامي. لقد أحزنني كثيراً خبر وفاته واغرورقت عيناي بالدموع تأثراً، راضياً بقضاء الله وقدره، داعياً له بالرحمة والمغفرة، وما حياة الإنسان في هذه الدنيا إلا سنوات معدودة، فمن قضاها في العمل الصالح - كفقيدنا - كسب خير الدارين، لذلك كان العزاء في هذه العبارات القليلة التي لا تكفي في حق الفقيد، وقد يكون العزاء هو أن أخي طلعت استطاع خلال مسيرة حياته أن يقوم بأعمال صالحة نافعة ومفيدة لدينه ومليكه ووطنه وأمته، تاركاً ذكرى عطرة يفتخر بها أهله وزملاؤه. تغمد الله الفقيد برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته ومنح أهله وزملاءه الصبر والسلوان.. "إنا لله وإنا إليه راجعون".