أعرب علماء وفقهاء من السعودية وخارجها عن مشاعرهم نحو الأمير سلطان بن عبدالعزيز، الذي اعتبروه «فقيد الأمة»، ونعوه بأحرف مليئة بالأسى والحزن، لكنها ندية بالدعاء والذكريات العطرة. ولم يقتصر الحزن على علماء ومشائخ السعودية، برحيل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، إذ نعى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني الأمة الإسلامية والعربية بموت الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وقال: «خَسِر العالم الإسلامي والعربي شخصية فذة في سِياسته وحِكمته ودوره حيث نذر حياته في خدمة المملكة وشعبها وخدمة الإسلام والمسلمين في العالم». وسأل مفتي الجمهورية اللبنانية الله تعالى أن يرحم ولي العهد وأن يدخله فسيح جناته مع الأنبياء والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وأن يلهم أفراد الأسرة المالكة وشعب المملكة الصبر وحسن العزاء. كما قدم المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ عزاءه لخادم الحرمين الشريفين، وللشعب السعودي الكريم، والأمة الإسلامية وقال: «إننا لنحتسبه عند الله ونسأله سبحانه أن يسبغ عليه واسع رحمته ومغفرته، وأن يجزيه خيراً لما قدم لدينه ووطنه من إسهامات خيرة، ومساع حميدة، وله سبحانه ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا «إنا لله وإنا إليه راجعون»، منوهاً بما عرف عن سلطان الخير بتتبع لحاجات الناس، واهتمام بالمحتاجين، إذ لا يرد السائلين، وهو مثال للكرم ورجل الصدقات والجود. أما إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح المغامسي، فذكر أن الأمير سلطان بن عبدالعزيز كان يداوم على فعل الخير كل عام، وهو بذلك يمتثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أحب العمل عند الله أدومه وإن قل»، إذ كان للفقيد أعمالاً خيرة في المدينةالمنورة كان يستمر عليها أكثر من عقدين من الزمان، ففي كل عام يمكث أيام عدة في الحرم المدني، ويقدم مأدبة لأهالي المدينة، ويعطي الفقراء حاجاتهم ويلبي رغباتهم، ولفت في حديث إعلامي إلى أن المال محبب إلى النفس البشرية إلا أن الأمير سلطان كان معروفاً بالبذل والعطاء ووفقه الله للبر. وأما الأمين العام لجمعية الأمير سلطان لتحفيظ القرآن بقوات الدفاع الجوي وإمام جامع الدخيل بالرياض الشيخ ياسر بن راشد الدوسري فاستهل بحديث مرت جنازة بالرسول صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقال لمن هذه فقالوا لفلان وأخذوا يشتمونه ويذكرونه بأسوأ الأوصاف فقال عليه السلام وجبت! وبعدها مرت جنازة أخرى فسأل عنها أيضاً فقالوا لفلان الرجل الطيب ذا الخلق الحسن فقال عليه السلام وجبت، سأله احد الصحابة عن معنى كلمته وجبت؟ فقال الرسول عليه السلام «انتم شهداء الله في أرضه أما الأول ففي النار وأما الأخر ففي الجنة». وأضاف الدوسري: «الأمة تطبق على خير هذا الرجل، فكان مباركاً في الحياة، من خلال الإنجازات العظيمة، والإنسان ليحتار في الثناء على الأمير، إذ كان أنموذجاً من نماذج هذه البلدة المباركة»، مفيداً بأن إنجازات الأمير سلطان لا تعد ولا تحصى، إذ كان يدعم القرآن بشكل منقطع النظير. وتحدث الأمين العام للندوة العالمية للشباب الاسلامي الدكتور صالح الوهيبي قائلاً: «بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وببالغ الحزن والأسى، تلقينا نبأ وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وعلى رغم جلل المصاب وفداحة الخطب لا نقول إلا ما يرضي ربنا جل وعلا، فلله تعالى ما أخذ، ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، نسأل الله عز وجل أن يعظم أجره وأن يتغمد الفقيد بالرحمة والمغفرة والرضوان وأن يخلف سبحانه خيراً على المملكة والمسلمين في هذا المصاب الجلل». وقال نائب رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض الشيخ عبدالرحمن الهذلول: «رحم الله الامير سلطان بن عبدالعزيز واسكنه فسيح جناته على ما قدمه من اعمال خيرية ودعم للعمل الاسلامي بصفة عامة، وبناء وتشييد لبيوت الله ودعمه الخاص لحفظة كتاب الله». وقال الهذلول: «إن سجل الفقيد رحمه الله في دعم الجمعيات القرآنية وحلق التحفيظ ورعايته للحفظة سجل كبير، إذ كان الفقيد يرحمه الله من أكبر الداعمين للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، ولابنائه الطلاب وبناته الطالبات الملتحقات بالحلق والدور والمدارس القرآنية لتواصل مسيرتها على مستوى المملكة، التي تجاوزت اعداد الملتحقين بها 700 الف طالب وطالبة في جميع المناطق، مشيراً الى أن الأمير سلطان رحمه الله كان يولي العمل الخيري جل اهتمامه ورعايته، وكان حاضناً وراعياً لحفظة كتاب الله مدنيين وعسكريين، وطلاباً. ومن جانبه، وصف العلامة الموريتاني الشيخ عبدالله بن بيه الفقيد بأنه «رجل دولة وخير»، وقال «سلطان هو اسم على مسمى، فقد عرفته عن كثب منذ 40 سنة، فكان صاحب أياد بيضاء، حتى لقب بسلطان الخير، ولذلك نعزي الأمة بأجمعها في مصابها الجلل بفقده». بينما عبر الأمين العام لهيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز المصلح عن حزنه الشديد لرحيل الفقيد سلطان الخير الذي كان يمد يده للصغير قبل الكبير ويمد يد العون لكل محتاج. وأضاف: «التعزية اليوم لا تقتصر على الأسرة المالكة أو الشعب السعودي وحسب، ولكنها تعزية للأمة الإسلامية التي نالها أوفر الحظ والنصيب من أيادي الخير التي مدها الفقيد لهم». واعتبر المصلح الفقيد حتى وإن غاب عن الدنيا «باق في أذهان ونفوس السعوديين بتاريخه وذكرياته العطرة، ومواقفه التي ستحفظها ذاكرة هذا الوطن، إذ له تاريخ حافل في الدولة السعودية وبصمات واضحة، واليوم يطوي التاريخ صفحات تلك الأيام الخالدة بعد أن خدم دينه ووطنه وأبناء أمته، والتاريخ هو الشاهد على ما قدمه وبذله».