غيب الموت الاثنين الماضي، الخامس من يناير، زميلاً عزيزاً وصحافياً رصيناً هو الأستاذ المرحوم طلعت فريد وفا بعد رحلة طويلة وممتدة وصعبة مع المرض الخبيث، وقد ترك الراحل في قلوب محبيه ذكريات عزيزة لا تنسى أبداً. مثل الراحل صورة لقوة الإرادة والرغبة الأكيدة في البذل والتضحية مهما بلغت التحديات، وقد كان إصراره قوياً ليواصل رحلة العطاء رغم ما يواجهه من مصاعب متشابكة. وهو بذلك المسعى يقدم لنا نموذجاً للعمل المنتج والشريف والبناء حتى آخر لحظة من حياته. كانت الصحافة هي مهنته، والتي يمارسها بروح الاحتراف مع وجود خيط رفيع لا يكاد يرى من الهواية لذا فقد كان جريئاً في تقديم مادته الصحفية الرصينة، والتي تتميز بالتفرد والتنوع والقدرة على تقديم الخبر أو التغطية أو المقال بشيء من الفطنة والكياسة والذكاء. إنه يمثل جيل الصحافيين الذين قدموا عصارة فكرهم وخلاصة تجاربهم للارتقاء بمهنة ما زالت فتية، وقد كان إشرافه العام ورئاسته لتحرير جريدة "الرياض ديلي" فترة ازدهار في تجربته، رغم توقفها عن الصدور لاعتبارات مالية. فقد امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً قدم فيها خبرة رصينة مشحونة بالفكر ومحاولة الارتقاء خاصة انه كان يجيد الإنجليزية فوظف معرفته تلك في تطوير الصحيفة. لن أقول إن طلعت وفا كان طيب القلب لأن هذا أمر معروف للكافة لكنني سأضيف شيئاً أراه مهماً جداً وهو اعتزازه بالأجيال الجديدة التي عملت مؤخراً في مهنة الصحافة فقد كان داعماً لها، متبنياً لطاقاتها الخلاقة، وهو سلوك اكتسبه من أستاذه تركي السديري الذي لم يبخل عليه لصقل موهبته، وكان مؤمناً بأن الارتقاء بالمهنة يلزمه أن تفتح النوافذ لتيار جديد يمنح الصحافة المحلية زخماً مشرقاً، رائعاً. طلعت وفا الذي ولد في مكةالمكرمة عام 1954، والذي حصل على بكالوريوس الآداب من جامعة الملك سعود بالرياض 1980ثم على ماجستير الاتصال السياسي من الجامعة الأمريكية عام 1984أكد حقيقة أن العمل الإعلامي يحترم التخصص، ويدعمه التدريب الشاق لصقل الكفاءة وهو ما تحقق مع هذا الإعلامي النشط والكفء والديناميكي. إن خسارتنا فادحة برحيل صحفي بارع هو طلعت فريد وفا، وقد كان حضوره على الكرسي المتحرك اعتزازاً منه بمهنته التي أحبها، وادرك أهميتها، فعاش مثمراً، معطاء من أجل خدمة المملكة عبر هذا المنبر العريق: منبر الصحافة.