تداولت الصحف في الأسبوع الماضي خبر نظام التنفيذ، الذي خرج من حيّز مجلس الشورى بعد التعديلات إلى هيئة الخبراء مرة أخرى، النظام الذي يمنح للقضاء شيئاً كبيراً من هيبته التي تناوشتها اللجان، ينطلق في معالجته لأهم مشكلة تواجهها المحاكم، من مواد صيغت بإحكام، لم يرد عليها، إلا ملاحظات بسيطة، ذكرتها في مقال سابق، وتناول بعضها الزملاء المحامون والباحثون. نظام القضاء، رغم عدم اتضاح ملامحه، نظراً لعدم صدور اللائحة التنفيذية، والمفسرة لكثير من نصوصه وتفرعاته، يمنح لقضاة التنفيذ والبالغ عددهم ستة قضاة حتى اللحظة، صلاحيات واسعة للإسراع في تنفيذ الأحكام المتأخرة بما فيها الأحكام ذات العلاقة بالشأن العقاري، ويمثل بمواده ال 99 مجالاً خصباً، لإنهاء (المماطلة)، هذا الصداع الكوني الرهيب. النظام الذي سينشأ له وكالة تنفيذ الأحكام المدنية، يتيح التنفيذ الفوري والجبري للأحكام الحالية المعطلة والمتعثرة عقود الإيجار، بحيث يحق للقاضي: - تنفيذ العقد الموثق مباشرة بين المؤجر والمستأجر في حالة خلوه من الإشكالات القانونية والفقهية . - إضافة إلى شفافية الإفصاح عن ذمم المدين وذلك من خلال ربط قضاة التنفيذ بالجهات البنكية أو المشرفة رقابياً على النشاطات الاستثمارية أصولاً ثابتة أو منقولة. - تعتبر جميع قرارات قاضي التنفيذ نهائية لا يحق الطعن عليها إلا في حالة الاستشكال في تنفيذ منازعات التنفيذ ويكون حكم الاستئناف في هذه الحالة نهائياً. - النظام كفل للقاضي أن يتخذ عدداً من الإجراءات التي تشل تعاملات المدين المماطل وتجبره على السداد كمرحلة أولى قبل الحكم بالغرامة والسجن حيث يحق لقاضي التنفيذ منع الجهات الحكومية من التعامل مع المدين وحجز مستحقاته المالية لديها، وكذلك وقف تعاملات المدين عبر منع المنشآت المالية من التعامل معه بأي صفة والأمر بالإفصاح عن أموال زوج المدين وأولاده في هذه المؤسسات المالية. ما يجعلني أثق في نجاعة الحلول المتأتية من هذا النظام، والذي قامت بصياغة العديد من بنوده بيوت الخبرة القانونية، كما تظهر لمساتها جلية، لمن يدقق في ثنايا مواده، هو ثلاثة أمور: - المدة الزمنية الوجيزة في تحديد مدة حجز الأوراق المالية تنفيذاً للأحكام القضائية ب (3) أيام عمل، تأتي بعد حجز الأموال المستحقة للمدين تحت يد المنشأة المالية من خلال السلطة الإشرافية، لتعمد هيئة السوق المالية إلى حجز الأوراق المالية وتبلغ قاضي التنفيذ بنتيجة الحجز خلال ثلاثة أيام عمل (فقط) من تسلم أمر الحجز. - معاقبة النظام للمماطل الاحتيالي بمدد سجن تصل إلى 15 سنة إن ثبت أن سبب مديونيته عمل احتيالي أو تبديد أمواله بتعد أو تفريط منه إذا كانت الأموال كثيرة ولو ثبت إعساره. النقطة الثالثة والأخيرة، والتي طمأنتني تماماً تجاه القضاة المتولين لشق التنفيذ الآن، الخبر الذي قرأته قبل فترة عن قاضي التنفيذ في محكمة جدة العامة، حيث لم يتوان فضيلته أبداً عن مخاطبة مؤسسة النقد، مجبراً إياها على تجميد حساب أحد البنوك المماطلة في إعادة مبلغ مختلس لأحد عملاء البنك، مثال واحد من هكذا قضاة، هو ما نحتاجه لتنفيذ (التنفيذ) يا سادة..! *الباحث في أنظمة العقار