انتقد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ورئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية، بجدة مجلس الأمن الدولي على تقاعس المجلس عن وضع حد للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة. جاء ذلك في كلمة سموه، فجر أمس بتوقيت الرياض، امام مجلس الأمن اثناء الاجتماع الرفيع المستوى للمجلس لبحث عدوان (اسرائيل) الهمجي على القطاع الفلسطيني حيث قال سمو الأمير سعود الفيصل منتقداً المجلس الأممي: "وفقاً لما نص عليه ميثاق الأممالمتحدة ان هذا المجلس هو الجهة المعنية بالمحافظة على السلام والأمن الدوليين، وعلى الرغم من أن مبادئ الميثاق تشير الى أنه عندما يفضي نزاع ما الى القتال، يكون شغل مجلس الأمن الشاغل انهاء ذلك في اقرب وقت ممكن، الا ان مجلس الأمن هذه المرة قد تخلى عن الاضطلاع بهذا الدور، وقد مضى على العدوان الاسرائيلي على غزة نحو احد عشر يوماً مما يضع مصداقية مجلس الأمن ونظام الأمن والسلم الدوليين برمته أمام علامة استفهام". وحذر سمو الأمير سعود الفيصل، مجلس الأمن من أن عدم معالجته القضايا العربية المشروعة بالجدية والمسؤولية ستدفع العرب بأن يجدوا انفسهم مرغمين على إدارة ظهورهم لمجلس الأمن والنظر في أي خيارات تطرح نفسها. وأوضح أن الدمار والقتل خلال بداية القصف كان كافيا لاخماد ضمأ أسرائيل أو في الحقيقة إقناع مجلس الامن أن يتصرف وأن ما حصل في غزة يمكن وصفه فقط بأنه جريمة إنسانية مريعة ستنتج العنف والتطرف ورحيل الهدف للسلام والامن اللذين تستخدمهما أسرائيل ذريعة لاعمالها العدوانية. وقال سموه إن اسرائيل مسؤولة عن إنهاء اتفاق وقف أطلاق النار لانها فشلت في الالتزام بتعهداتها بموجب شروط وقف اطلاق النار المبرم في الثامن من يونيو 2008م كما أن إسرائيل انتهكت الهدنة التي اتفق عليها الطرفان والقاضية بتوقف أطلاق الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل مقابل فتح المعابر ورفع الحصار عن قطاع غزة.. وقد التزم الجانب الفلسطيني بالكامل بتعهداته بموجب الاتفاق بينما واصلت إسرائيل قبضتها الخانقة على مليون ونصف المليون من الفلسطينيين في غزة في عمل غير أخلاقي دون رد من المجتمع الدولى. وحث سمو وزير الخارجية مجلس الامن على التصرف قائلا إن الدول العربية ملتزمة بالقانون الدولى لكنها بحاجة الى أن ترى عملا فإما أن يتعامل مجلس الامن مع قضايانا الشرعية بجديات ومسؤوليات ترتكز على تلك المبادىء أى القانون الدولي أو نحن (أي الدول العربية) سنكون مجبورين أن ندير ظهورنا وتقرير الخيارات التي تفرض نفسها. وذكر سموه مجلس الامن بالخطر الماثل على الشعب الفلسطينى في غزة قائلا "وفي هذه اللحظة فإن الناس يموتون والاطفال ييتمون والآباء يفقدون من يحبون وليس لسبب سوى انهم متواجدون هناك فهل ستسمحون لذلك أن يستمر لساعة اخرى". وعقد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل مؤتمراً صحافياً، مساء أمس بتوقيت الرياض، في نيويورك. وحضر المؤتمر حشد كبير من مندوبي وسائل الإعلام العربية والعالمية. وقد ركز المؤتمر الصحافي على ما يجري في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي والتحركات التي يقوم بها وفد وزراء الخارجية العرب في مجلس الأمن لوضع نهاية سريعة لذلك العدوان. وقد استهل سمو الأمير سعود الفيصل المؤتمر ببيان عن الوضع الإنساني المأساوي في غزة نتيجة العدوان الهمجي الإسرائيلي وما يدعو إليه مشروع القرار العربي المطروح على مجلس الأمن من انهاء للاقتتال ورفع الحصار وفتح المعابر وإنشاء آلية مراقبة دولية والعودة إلى الاتفاقيات التي تم التوصل إليها من قبل. وتنشر "الرياض" فيما يلي ما دار في المؤتمر الصحافي الذي استهله سمو الأمير سعود الفيصل بالبيان التالي: "لقد حضر وزراء الخارجية العرب إلى نيويورك لحث مجلس الأمن على اتخاذ عمل فوري لانهاء العدوان في غزة، انها مسؤولية مجلس الأمن العمل على انهاء النزاع المسلح في أقرب وقت ممكن والنزاع الحالي في غزة يجب ألا يكون استثناء. وفيما أن العدوان يدخل يومه الثالث عشر، فإن الوضع في غزة قد أحدث وضعاً إنسانياً مأساوياً وفتح الباب للمزيد من المعاناة. ومع ذلك فإن مجلس الأمن لم يتخذ أي موقف حاسم لتحمل مسؤولياته وانهاء العدوان مما يضع مصداقية المجلس ونظام الأمن والسلم الدوليين برمته أمام علامة استفهام. إن المماطلة والتجاهل ليسا سبلاً لانهاء نزاع. لقد حضر وزراء خارجية الجامعة العربية إلى نيويورك لتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن لانهاء الأزمة، يقوم على الوقف الفوري لاطلاق النار ورفع الحصار وفتح المعابر وإنشاء آلية مراقبة والعودة إلى الاتفاقيات السابق التوصل إليها. إن العرض العربي لا يهدف فقط إلى وقف الأعمال العسكرية، بل وأيضاً يتعامل مع الأسباب التي أدت إليها. إن وضع نهاية للاقتتال وإقامة الآليات الضرورية للمراقبة سوف يضمن حلاً أكثر استتباباً، وكل ذلك سليبي مشاعر القلق الأمني لدى الطرفين ويمهد الطريق لاستئناف عملية السلام واحياء المفاوضات بغرض انهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة. هذا فقط سيضمن الأمن لإسرائيل ويؤكد لفلسطين أمنها والأمن والاستقرار للمنطقة. إن الطريق إلى الأمن هو من خلال السلام وليس الحرب وهناك طريق للسلام. ففي عام 2002اقترح الملك عبدالله، ملك المملكة العربية السعودية، خطة سلام لانهاء النزاع العربي - الاسرائيلي وسميت هذه الخطة بمبادرة السلام العربية وتبنتها الجامعة العربية بالاجماع في قمة بيروت عام 2002.انها خطة مبسطة ومباشرة تعرض العدل والأمن والسلام لكل الأطراف. إن مبادرة السلام العربية تدعو الى انسحاب اسرائيلي من الأراضي التي احتلت في العام 1967، واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وتسوية عادلة لوضع اللاجئين وذلك في مقابل السلام والعلاقات الطبيعية مع كل البلدان العربية. وتوفر المبادرة نهاية أساسية للنزاع وكل البلدان العربية الزمت نفسها بالمبادرة التي كسبت تأييد أكثر من (60) بلدا بما فيها الولاياتالمتحدة والمبادرة لا تزال على الطاولة. واصبحت مبادرة السلام العربية نقطة مرجعية اساسية لكل محاولات حل النزاع العربي - الاسرائيلي وقد حان الوقت ان نجعل منها آلية لانهاءهذا النزاع الذي طال امده. كفى ما تم اراقته من الدماء وحان الوقت لوقف العنف والشروع في السلام، هنالك الكثير من ما يمكن توجيهه من اللوم، ولكن الحقيقة المبسطة تظل بان اناسا ابرياء يموتون وهذا يجب أن يتوقف". وبعد هذا البيان، بدأ صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل في الرد على أسئلة مندوبي وسائل الاعلام العربية والعالمية، حيث قال ردا على سؤال عن احتمالات عودة الفلسطينيين والاسرائيليين الى التفاوض بعد احداث غزة الراهنة" "بالطبع قبل بدء أي مفاوضات فان الاقتتال يجب ان يتوقف، وفي اي نزاع ان لم تكن هناك مفاوضات فلن يكون هناك سلام، لذلك فان المفاوضات ضرورة متى كان كل طرف يريد تحقيق الأمن لشعبه، لذا فاننا نرى بأن وقف الاقتتال على غاية كبيرة من الأهمية. نحن نريد العودة الى المفاوضات والعودة الى عملية السلام" وبدون العودة الى عملية السلام، فانني اعتقد ان كل طرف سيظل غير شاعر بالأمن". وردا على سؤال عن كيفية تفعيل مبادرة السلام العربية بجعلها الطريق الى الحل الدائم، قال سموه: "المبادرة العربية على الطاولة وجاهرة للأخذ بها وهي فقط تحتاج الى موافقة الطرف الآخر ونحن نعمل كل ما نستطيعه فالجامعة العربية سبق لها ان ارسلت وفدا مكونا من وزيرين الى اسرائيل لشرح مبادرة السلام العربية للرأي العام الاسرائيلي وِأكثر من ذلك ماذا يمكننا ان نفعل، فان كانت هناك سبل أخرى لجعلها اكثر عملية رجاء دعونا نعرف ذلك". وفي الرد على سؤال ان كان هناك تباين بين مشروع القرار العربي المطروح على مجلس الأمن بشأن غزة ومبادرة الرئيس المصري حسني مبارك، قال سمو الأمير سعود الفيصل: "مبادرة الرئيس مبارك لا تتناقض او تتعارض مع مشروع القرار العربي الذي طرح على مجلس الأمن بل في الحقيقة هي مكررة له، فالمبادرة تقوم على وقف الاقتتال ورفع الحصار وفتح المعابر وهي ذات العناصر في مشروع القرار. والرئيس مبارك عندما رأى المماطلة والتأجيل في مجلس الأمن، حاول بمبادرته ان يحرك الامور لتحقيق العنصر الاهم وهو وضع نهاية للاقتتال وإراقة الدماء في غزة وهذا هو العنصر الأكثر أهمية". وحول ما صرح به وزير الخارجية الفرنسي للصحافيين في الاممالمتحدة بعدم رغبة فرنسا ان يطرح مشروع قرار عربي على مجلس الأمن، قال سموه: "الفرنسيون لم يسألونا عن عدم طرح مشروع القرار مع ان هناك بياناً صحافياً منهم لوسائل الاعلام بحيث يبدو ان وزراء الخارجية يتحدثون للاعلام بثقة اكثر من ما يتحدثون الى نظرائهم". الفرنسيون لم يقولوا لنا بأنهم لا يريدون تصويتاً في المجلس وبدون التصويت في المجلس فان شيئا عمليا لن يحدث ولذلك نأمل أن يكون هناك تصويتاً وان يكون ايجابياً". ورداً على سؤال ان كان يرى بأن الولاياتالمتحدة، من خلال تعطيلها لعمل مجلس الأمن، تتبع استراتيجية لاسقاط حماس، قال سمو الأمير سعود الفيصل: "اعتقد ان زمن الحرب قد انتهى واستخدام الحرب كهدف لتحقيق نهاية سياسية ما ثبت بالتأكيد خلال السنوات القليلة الماضية بأنه المنهج الخطأ إذ لا يمكن لأحد ان يقصي أحداً من خلال الحرب، وهذا هو الخطر في دخول نزاع كهذا لأن المعاناة الحقيقية هي ليست معاناة اولئك المستهدفين، بل المأساة ان الابرياء هم ضحايا الحرب. وفي غزة على وجه الخصوص التي تعد أكثر اقليم اكتظاظاً بالسكان في العالم من هم الذين يموتون نتيجة هذا الاقتتال؟ هي ليست حماس الى جانب ان حماس في بلد آخر اذا ان اسرائيل لا تعلم ذلك. واذا استمرت اسرائيل في قتل الناس الابرياء فماذا يمكن ان يلحق بحماس، على العكس، فإن ذلك سوف يشجع الناس على دعم حماس أكثر، فان كان الاسرائيليون يقومون بما يقومون به لذلك الغرض فإنهم بالتأكيد يعملون على نحو متناقض". وفي رد على سؤال بأن إيران قد دعت الدول الاسلامية الى استخدام صادرات البترول وسيلة حتى تمارس الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي ضغوطاً على اسرائيل لوقف ما يجري في غزة، قال سموه: "آمل انهم لا يعنون صب البترول على النار. والشيء الأهم ان البترول ليس سلاحاً، لا يمكنك عكس نزاع باستخدام البترول، كيف يمكنك فعل ذلك؟ هل توقف انتاج البترول لغرض ممارسة الضغط على أناس، انت ستعاني بقدر ما يعاني أي شخص آخر. منتجو البترول يريدون دخلاً من ذلك للقدرة على بناء بلدانهم من هذا المصدر، نحن لن نقوم باستخدام البترول سلاح، وان هم على استعداد لمواجهة أي عمل ضدهم في حاجة لهذا المصدر لبناء قدراتهم. واعتقد وخاصة في هذا الوقت ان استخدام البترول كسلاح فكرة قد ولت واصبحت من الماضي". وعن مشاركة المملكة بقوات ضمن قوة المراقبة الدولية في غزة متى تم انشاؤها، قال سمو الأمير سعود الفيصل: "اذا تم سؤالنا، فإننا بالطبع سنفكر في الأمر". وحول ما تضمنته مبادرة السلام العربية بالدعوة الى حل عادل لمسألة اللاجئين الفلسطينيين وفيما اذا كان ذلك الحل بالسماح لهم بالعودة او بالحصول على التعويض، قال سموه رداً على سؤال بهذا الخصوص: "هذا بالكامل راجع للفلسطينيين، المبادرة العربية طالبت بتسوية عادلة لمسألة اللاجئين الفلسطينيين من خلال المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لذلك مسألة تعود بالكامل للفلسطينيين".