الوشم منطقة زراعية ذات تاريخ عريق، أنجبت عديداً من المبدعين في الأدب والثقافة بعامة، وبرز من رجالها عدد كبير في مجال العلم والتجارة والإدارة، كما ساهم أبناء الوشم في مسيرة النهضة التي شهدتها بلادنا منذ تأسيس المملكة، ونجد ذلك في كثير من المجالات الحيوية، وما زال تعلق أبناء الوشم بها مثار إعجاب المحبين لأوطانهم، يتجلى ذلك في النهضة التي تعمر الوشم مدنه وقراه، وإن يرجع ذلك إلى ما جبل عليه الإنسان من حب لوطنه فإن الثقافة تزيد هذا الولع تجسيداً للمشاعر النبيلة، وتمثيلاً للحب الصادق وهذا ما تجسد في عطاء أبناء الوشم لمنطقتهم. ومن أراد الاستزادة من الوقوف على هذه المشاعر فعليه أن يرجع لكتاب "شعراء من الوشم" للاستاذ سعود بن عبدالرحمن اليوسف وكتابه "أشيقر والشعر العامي". وهذان الكتابان يقدمان لنا شعراء الوشم من خلال إبداعهم الذي يقدم لنا الوشم ثقافة وحضارة وتأريخاً، حيث انعكس الأثر على أصحابه فقدمهم لنا في مسيرتهم الواعية، ومواجهتهم لأعاصير الحياة وتقلباتها، وإذا كان الأديب ابن بيئته يؤثر فيها كما تؤثر فيه، فإن شعر شعراء الوشم باللغة الدارجة يبرهن على تميزهم الثقافي وتجربتهم في الإبداع، فلم يتركوا غرضاً من أغراض الشعر إلا وتناولوه بأسلوب ولغة تدل على عراقة المنطقة وارتفاع مستوى أبنائها الثقافي. ولست هنا بمكان الباحث المتقصي، ولكنها إطلالة على الإبداع الشعري باللغة الدارجة أثار انتباهي إلى انعكاس الثقافة على هذا الإبداع الذي ينظر إليه كثير منا بأنه من عبث القول، ويجب محاربته، وذلك أن كثيراً من هؤلاء حرموا من متعة تذوق هذا الشعر لعجزهم عن فهمه. ولعل الأجدر بنا أن نقرب بين الفنون لتأتلف لا أن نباعد بينها فتختلف، وشعر اللغة الدارجة هو لسان حال من لم يحصلوا على نصيب وافر من التعليم ولكنه في كثير من الأحيان حين يبدعه شعراء الفصحى تحصل القربى، وتظهر الحاجة لهذا الشعر الذي تكمن في عباراته معاني لا تحلو بلغة أخرى. ونحن يغيب عن أذهاننا أمور عدة، نجد مثيلاتها في كثير من الأشياء التي نشاهدها في حياتنا وتتسق اتساقاً كاملا عند نضجها، وأقربها إلى التمثيل المحاصيل والثمار فإنها تظل فجة مرة حتى تنضج، وعندها يمكننا تصريفها كيف نشاء، ومثل ذلك المطالبة بإلغاء شعر الدارجة لأنه محلي ولا تفهمه كل الشعوب العربية. ونطالب بالوحدة ولم ينضج فكر الشعوب ليستوعبوا هذه الفضيلة، ولهذا علينا أن نهيئ لآمالنا أسباب النجاح حتى يسهل تحقيق الآمال، ولا مناص لنا عن التعليم والتربية لنكون جميعاً في مستوى متقارب من الفهم والتطلع والتعبير بلسان مبين. أعود إلى شعر الدارجة بإبداع شعراء الفصحى لأنقل للقارئ الكريم أنموذجاً لشاعر مبدع من شعراء الفصحى في الوشم، هو الشاعر عبدالرحمن بن عبدالكريم الذي أصدر كثيراً من الدواوين الشعرية بالفصحى والدارجة، فقد أورد له المؤلف قصيدة نابضة باللغة الشاعرة، حافلة بأسلوب لا أعتقد أن شعراء الفصحى والدارجة في أية بقعة من الوطن العربي لا يفهمونها أو لا يعجبون بها، ففيها من أساليب الوصف والإمتاع ما يطول الحديث عنه، وأطرح هنا مقتطفات منها، وجدت فيها شعراً جميلاً، وإبداعاً يقارب بين اللونين من الشعر العربي الجميل. العشير اللي تنحَّى حليته منقوشه كنَّها في وسط جيده حلية القمرية شوف عيني يوم عرَّض داله بكبوشه توما شارف على سبعة عشر حولية واحليله يوم عرَّض في الفلا بربوشه منشد في كل خطوة منه سمفونية يختلس نظرات حبه لي بغمز رموشه ما يبيّن عند غيري روحته والجيّة بين غمزه والتفاته وانتفاض الشوشة لسعة من سم ساعة من نيوب الحية @@@ شد عنا يم اعالي نجد هو وطروشه جايلينٍ في محاري خطة الوسمية محرىٍ مرباعهم في الهيف عن حنتوشة غرب سمرة والحذني شرقي القاعية في فلاة بالخزامي والنفل مفروشة ما تطول السِّبءت فيها شوكة ماطية كل غصنٍ من كلاها لابسٍ طربوشة مايلة من فوق راسه ميلة الطاقية للهوى يرقص بساق ليّن محروشه خايف لو ما يطاوع ينكسر علويه مع تراكم زهرها باعشابها المفروشة نوج حرق الرمث فيها كسرة جاوية كن وردات الزهر رمانة منقوشة حبها الياقوت من بَطءحان والا ليَّة بارد رطب صباها بالمطر مرشوشة ما يلوذ حوارها عن شمسها بالفية لاجتماع الصيد فيها واجتواله شَوءشَة ما تميِّز بين خشف الريم من عفرية ليتني وايَّا عشيري في عرين عروشه وسط ذاك الروض مالاحد عليّ دءعيَّة آمنينٍ من خطر سراقته ووحوشه أمن حوري توازن قبلته حورية والمرصَّدء في حساب عيلم جاهوشه كل ما خرجت مية سجلوا به مية