يعد تناول ألبان النوق في منطقة حائل عرفا تقليديا سائدا يعبر في مضامينه عن مدى انتشار وتعلق أبناء المنطقة بتريبة الإبل واقتناء السلالات الأصيلة وخاصة منها ماتتميز بوفرة انتاجها من الحليب الطازج بعد الكشف عن تعدد فوائده ، حيث يدخل حليب النوق في تركيبة عدد غير قليل من العناصر الغذائية المتكاملة والمتوازنة من المعادن والبروتينات الأساسية لبناء الجسم السليم.وذلك باحتوائه على العديد من المركبات العضوية النافعة. ووجد حليب النوق طريقه إلى ذائقة السياح والزائرين لمنطقة حائل عقب تواتر الكثير من الدراسات العلمية القائلة بمنافع هذا المنتج العضوي الطبيعي، والذي كان ومنذ القدم أحد مظاهر الإحتفاء عند استقبال القرويين وسكان البادية لضيوفهم. وقد تطورت سقاية حليب النوق باعتبارها رسالة ضمنية عن مدى ما يتمتع به ابن البادية من كرم وسخاء، إلى أن وظفت هذه العادة الحميدة في استجلاب صناعة السياحة الريفية المرتكزة على عناصر الجذب السياحي للبيئة الطبيعية الصحروية المحلية. وهو ما حفز الكثير من السياح على قصد البادية طمعاً في تذوق حليب الناقة ومشاهدة قطعان الجمال التي تعبر عباب الصحراء في مشهد تكسوه الكثير من التأملات والصور الرائعة للطبيعة البكر ، ويعطيها نكهة غنية الحليب الطازج المغذي والمشبع بخلاصة أعشاب صحراء النفود الطبيعية والنادرة ، حتى تحولت هذه السمات التقليدية إلى مرتكز جيد يمكن التعويل عليه في بناء سياحة تعتمد على عناصر البيئة المحلية الطبيعية. ويقول عواد الشمري أحد المولعين بتربية الإبل في منطقة حائل والمتفننين بتهجين السلالات الجيدة منها " إنه استقطع جزءاً كبيراً من ماله ووقته في تربية النوق ذات السلالات الجيدة إسهاما منه في دفع هذه الصناعة المتجددة على مر الأزمنة والعصور ، وتمهيدا لتقديم الحليب الطازج للزائرين بالمجان ، ويحضر العرف التقليدي السائد في المنطقة بيع الحليب على الزوار وعابري السبيل، لافتا إلى أن حليب النوق قد استدرج الكثير من الزوار القادمين من مناطق بعيدة لغرض الاستشفاء من بعض الأمراض التي أثبت حليب النوق فاعلية في علاجها ، وهو ما كرس لقيام سياحة استشفائية في حائل تعتمد على ما يستخلصه النوق في حائل من بيئة الأرض المحلية. فيما دعا عتيق الفريح كل من يزور منطقة حائل لتجربة زيارة مواطن الإبل في صحراء النفود الكبرى من أجل الاستمتاع بمشاهدة سفن الصحراء وهي تختال بين الرمال ، مهيبا بالزائرين أن لا يدعوا فرصة ركوب الإبل وتذوق الحليب النافع المشبع بطعم أشجار الإرطاء ذات المذاق الرائع والعناصر المغذية لأبدان الصغار والكبار والذكور والإناث على حد سواء. وأكد أن عددا غير قليل من المواطنين بدأ فعليا بشرب حليب الإبل كنوع من الوقاية وتقوية الأجسام في مواجهة الأمراض السارية والمستوطنة ، مهيباً بالجميع بالعودة إلى العادات الغذائية المتوارثة من الآباء والأجداد والابتعاد عن السلوكيات الغذائية السائدة والتي تعتمد على الوجبات المصنعة والمشبعة بالعناصر الضارة ، مما جلب للأطفال السمنة وأصاب الكبار بالوهن والضعف ، منوها إلى أنه لا يشتكي من أية أمراض رغم تخطيه عتبة الستين عاما.