أخاف من الظلام الدكتور إبراهيم أنا رجل أبلغ من العمر 34عاماً، وأخجل من أتحدث عن مشكلتي. أخجل ماذا سوف يقول الناس عني وأنا رجلٌ متزوج ولديّ أطفال، وأعمل في وظيفة جيدة. مشكلتي هي أنني أخاف من الظلام، حتى أني كنتُ عندما أعود من مكانٍ ما إلى منزلي ونصف الطريق غير مُضاء(بدون إضاءة) فإني أشعر بخوف شديد وأنتظر حتى تمر سيارة فأرافقها في سيرها حتى أني أسير بسيارتي موازٍ للسيارة الآخرى وأحياناً يظن بعض السائقين بأني أتحداهم أو ارُيد شراً بهم، وهم لا يعلمون بأني أعاُني من الخوف ولا أستطيع السير في الظلام وحيداً . أحياناً يقف بعض سائقي السيارات ويسالؤنني عن الهدف من السير بمحاذاتهم فأخبرهم بأني أتجسّر بمرافقتهم بعضهم يهز رأسه مستنكراً ويقول "الحمد لله .. رجل طويل عريض يخاف يقود سيارته في الظلام؟" والحقيقة هذا يجعلني في موقف محُرج، ولكن ماذا أفعل. حاولت أن أسير في الطريق المظلم لكني كنتُ أشعر بأني سوف أختنق، التنفس يصير عندي صعباً، وضربات قلبي تزداد ولا أستطيع بلع ريقي وأصُاب برعشة حتى أن عجلة القيادة يصعُب سيطرتي عليها. هذا الأمر جعلني أفُكر دائماً في الأماكن التي سوف أذهب إليها، وأتحاشى الخروج مساءً وهذا قد يتعارض مع عملي، حيث أن هناك أوقات يجب أن أعمل فيها خلال الليل وأحمل هم السير في الشوارع المظلمة. مشكلةٍ آخرى وهي قلقي الشديد من إلقاء كلمة أوشرح لأي شخص أو مجموعة من الأشخاص، حتى أنه مرةٍ كان عليّ أن أقوم بالشرح لمجموعة من الأشخاص ولكني تركت مكان العمل ليقوم الشخص الذي بعدي بالشرح للضيوف الذين يزوروننا في العمل. كذلك أخشى أن أقوم بالإمامة بالصلاة بشخص أو أي مجموعة من الأشخاص، هذا الأمر جعلني أتردد أحياناً في الذهاب إلى المسجد إلا عندما أتأكد بأنني سوف ألحق بالإمام في الصلاة وهذا يجعلني أمتنع عن الذهاب إلى المسجد إذا كان الإمام يُنهي الصلاة أو في جلسة التشّهد الأخيرة. أرجوك ساعدني في كيفية العلاج من هذه المشاكل التي أشعر أنها تُسبب لي إحراجاً وكذلك تُعيق عملي. ف.ي - أخي الفاضل، ما ذكرته في رسالتك هو نوعان من أنواع الرُهاب. الأول ما يُعرف بالرُهاب المُحدد، وفي حالتك (رُهاب الظلام)، وهذا أمرٌ ينتشر بين كثير من الأشخاص خاصةً في مرحلة الطفولة والمراهقة ولكن أيضاً يُعاني بعض الأشخاص الناضجين من بعض رُهاب الظلام، وربما يكون في النساء أكثر، ولاشك أنه مُحرج بالنسبة لك كرجلٍ بالغ وناضج وتعمل في وظيفة تتطلب العمل مساءً وأنت لا تستطيع القيادة في الشوارع المُظلمة. الأمر الآخر هو ما يُعرف بالرُهاب الإجتماعي، وهو أكثر اضطراباً نفسياً مُنتشراص في المملكة العربية السعودية، ولا يكاد يمر يوماً لا نرى فيه عدة مرضى باضطراب الرُهاب الاجتماعي. يبدو من خلال رسالتك أن الاضطراب تمكّن منك، خاصةً أنه أثر على سير حياتك وعملك، لذلك فإني أعتقد ذهابك إلى عيادة نفسية أمرٌ قد يكون مُفيداً جداً لك . علاج الاضطرابين (رهاب الظلام، والرهاب الاجتماعي) قد يكون واحداً ؛ فهناك أدوية تُساعد على التغلّب على الرُهاب، وهي أدوية مُتعددة وكل شخص قد يُناسبه علاج قد لا يُناسب شخصاً آخر، لذلك لا أنصحك بأخذ علاج من مريض آخر يُعاني من نفس الأعراض والاضطراب. الأدوية الفاعلة في علاج الرُهاب أكثرها أدوية عادية ولا يُدمن عليها الشخص، بل هي أدوية عادية، ليست مُقننة ويستطيع الشخص أن يستخدمها لمدةٍ طويلة. الأمر الآخر هو أنه من الضروري في علاج اضطرابات الرُهاب أن يكون مع العلاج الدوائي علاج نفسي. ويُعرف هذا النوع من العلاجات النفسية بالعلاج السلوكي - المعرفي وهو علاج مُفيد جداً، إذا قام به شخص مؤهل ولديه الخبرة في هذا المجال، فتجاوز العلاجين (العلاج الدوائي مع العلاج السلوكي - المعرفي) يقود إلى تحسّن المريض بنسبةٍ كبيرة، خاصةً إذا كان المريض مُتعاوناً مع المعالجين ويتءبع خطوات العلاج كما يُحدّدها المعالجون. أنا أشعر بمدى تأثير هذا الاضطراب على حياتك في جميع مناحيها ولكن العلاج أعتقد بأنه سوف يُفيدك بشكلٍ جيد فلا تتردد في الذهاب إلى عيادة نفسية ومقابلة طبيب نفسي لوصف الدواء وتحديد من سوف يقوم بعلاجك العلاج السلوكي - المعرفي.