المخدرات .. دقائق لذة موهومة . وسنوات من الضياع تعددت الأصناف.. واختلفت التركيبات ولكن النهاية .. مأساة إنسان، وتشرد أسرة.. وضياع مستقبل. تجار الموت يتفننون في تركيبتها وإطلاق المسميات ويزينون للمخدوعين آثارها.. نصحبكم في سلسلة تعريفية بأكثر المخدرات شيوعاً ونعرض في كل أسبوع نوع المخدر وعلامات تعاطيه وآثاره المدمرة. الكوكايين (Cocaine) من المنشطات الطبيعية وأشدها وأشهرها على الاطلاق، وقد اكتشف الكوكايين في منتصف القرن التاسع عشر وهو منبه طبيعي قوي، ويستخلص من نبات الكوكا الذي ينمو في أمريكا اللاتينية، لا سيما أحواض نهر الأمازون، وأيضاً في بيرو وكولومبيا، والهند وإندونيسيا. والكوكايين مسحوق أبيض اللون هشُّ الملمس، إذا كان نقيّاً، أما إذا خالطته الشوائب فإن لونه يتغير إلى ما هو أدكن (بيج)، ويضاف مسحوق السكر له أو مادة الليدوكايين (lidocaine) المخدرة لتخفيفه ولغشه. والكوكايين هيدروكلوريد يستنشق كمسحوق أو يذاب في الماء لحقنه بالوريد أو يدخن ويعطي تأثير الحقن عبر الرئة، وفي عام 1906م منع تداول الكوكايين في الصيدليات كونه لا يستعمل في العلاج. ويحتوي الكوكايين الخام عجينة (الكوكا) على حوالي 56% من مادة الكوكايين. ويتم تحضيره بإذابة أوراق الكوكا الجافة في حامض الكبريتيك ثم تعالج بكربونات الصوديوم. وقد يخلط الكوكايين بالهيروين وفي هذه الحالة يسمى بالكرة السريعة أو الميثاكولون أو الباربيتورات. والكوكايين مادة غالية الثمن، ومن يدمن عليه فإن إدمانه سوف يقوده إلى التهلكة. فأسعار الكوكايين غالية، ويضطر الشخص إلى أن يصرف مبالغ كبيرة للحصول عليه. وقد توصل فريق من العلماء إلى أن تعاطي الكوكايين بشكل متكرر يتلف ويدمر نفس الخلايا الدماغية التي تثير الشعور بالنشوة التي يحسها المتعاطون. وأن مخدر الكوكايين يلحق أضراراً فادحة بخلايا أساسية في مركز اللذة في الدماغ. وأوضح العلماء أنه بإمكان النتائج التي توصلوا إليها أن تحسن من فهم اعتلالات أخرى على صلة بنفس خلايا الدماغ مثل الاكتئاب كما يمكن أن تقودهم إلى تطوير عقاقير مضادة للإدمان. وقد أجرى فريق من الباحثين بعض الفحوصات على عينات من خلايا الدماغ تم أخذها بعد الوفاة من 35شخصاً ممن يتعاطون الكوكايين ومن 35آخرين لا يتعاطون المخدر، حيث عاينوا صحة خلايا الأعصاب التي تطلق مادة كيماوية تعرف باسم (دوبامين) وهي المادة التي تتفاعل مع الكوكايين مما يؤدي للشعور باللذة. كما أشاروا إلى أن مادة الدوبامين تلعب دوراً أساسياً في تحفيز الباعث على تكرار التجارب التي تنطوي على الشعور بالنشوة، وهو ما يرى العلماء أنه يمكن أن يفسر رغبة المدمنين للمخدرات. كما توصلوا إلى أن الخلايا المنتجة للدوبامين تموت خلال حياة الإنسان مما يلحق ضرراً فادحاً بالخلايا الدماغية، وهو ما يؤدي إلى فقدان السيطرة على حركة الجسم. والكوكايين يصل إلى المخ بشكل مباشر بعد تعاطيه ويتلاشى مفعوله من الجسم بشكل سريع، لذلك فالمدمنون مضطرون لأخذه بصفة متكررة خلال اليوم الواحد من أجل الإبقاء على مفعوله. كما يمكن أن يقود أخذ جرعات كبيرة إلى الوفاة بسبب السكتة القلبية أو تعطل الجهاز التنفسي. وعادة يحتاج الشخص الذي يتوقف عن الكوكايين إلى مراقبة دقيقة حتى يمكن ملاحظة أي اضطراب نفسي قد ينتج جراء التوقف عنه. وأكثر ما يخشى منه هو الاكتئاب لأنه قد يحتاج إلى تدخل سريع لمنع الشخص من عدم إيذاء نفسه، خاصة الانتحار الذي قد يعقب التوقف المفاجئ عن الكوكايين. كما أن استعماله عن طريق حقن ملوثة أو مستعملة يحمل مخاطر الإصابة بالعدوى، ويؤدي استعمال الكوكايين من قبل النساء خلال فترة الحمل إلى احتمالات إصابة المولود بالتشوهات الخُلقية أو بقلة الوزن كما يؤدي إلى اضطرابات سلوكية مستقبلية لدى هؤلاء الأطفال.