ارجو ان لا يخرج علينا احدهم متفلسفا ليقول ببساطة سعر برميل البترول تجاوزالمائة والعشرين دولاراخلال العام المنصرم , فما الغرابة ان تتحقق لبلادكم اكبر الايرادات في تاريخها (الف مليار ومائة مليون ريال ) ( ومن شر حاسد اذا حسد ) ! اقول ارجو ان لايتفلسف المتفلسفون، لاننا وببساطة نعيش ازمة عالمية اتت على الاخضر واليابس ولم تبق ولن تذر ،ثم ان المائة والعشرين دولارا التي يتحدث عنها البعض بالنسبة لسعر البترول لم تدم طويلا ثم ان كان سعرالبترول قد ارتفع ووصل الى اسعار قياسية فإننا دولة ضمن دول العالم ونعيش بين الناس وارتفاع الاسعار لم يقف عند برميل البترول لوحده فكل السلع ارتفعت اسعارها وقد نكون من اكثر الدول استهلاكا لمختلف السلع بمعنى انه في الوقت الذي كانت ايراداتنا عالية فإن مصروفاتنا عالية هي الاخرى ، صحيح ان البترول يعد احد المصادر الرئيسة للدخل ولكنه ليس الوحيد وبالتالي فلامبرر للحديث عن اسعار البترول على اعتباره السبب الوحيد لارتفاع الايرادات . اذا علينا اولا ان نحمدالله سبحانه وتعالى على هذا الخير الوفير الذي منحه لبلادنا ثم نتوجه بالشكر الى القيادة التي مافتئت تتحرى انسب الطرق وافضلها لتنأى بالبلاد عن هذه العاصفة التي هزت العالم بأسره . ان المتمعن في السياسات الاقتصادية والاستثمارية لبلادنا يلحظ بوضوح الحصافة في التعامل وحسن الاختيار بين المنافذ الاستثمارية . تخيلوا لاسمح الله لوان تلك الايرادات تمت المجازفة بها باستثمارها عبر مسارات غير آمنة ثم حدث ماحدث حيث انهار الاقتصاد العالمي ، فماهي النتائج المترتبة على ذلك انها الكارثة بعينها فنحمدالله الذي وقانا من تلك النكبات التي حلت في الكثير من الدول ، ثم انه ينبغي ان نستفيد من هذا الدرس البليغ بالبعد عن المجازفة والتهور والتركيز على استثمار ايراداتنا بما يعود بالنفع على الوطن والمواطن بعيدا عن التشبث بالتجارب التي اثبتت فشلها . وعودة الى عنوان المقالة الذي ارجو ان يعذرني القارىء الكريم على اختياره وانما اردت من وراء ذلك لفت انتباهه الى الفكرة ( ولمن لايعرف المراد بهذا العنوان ) اقول انها جرت العادة في ( لعبة البلوت ) وهي لعبة شعبية شائعة في دول الخليج ومنها المملكة العربية السعودية وحينما يرغب احد اللاعبين اخذ زمام المبادرة باختيار طريقة اللعب حيث ان هناك خيارين لطريقة اللعب ام ( الحكم اوالصن ) فهو يختار الحكم لان المخاطرة فيه اقل والكسب اقل كذلك على العكس من الصن وبعد ان يفكر ويدرس خياراته ربما يجد ان الصن اجدى بالنسبة له ولذلك فانني ومن وجهة نظري المتواضعة اعتقد ان ميزانية هذا العام (مع الفارق طبعا ) يمكن ان ينطبق عليها ماينطبق على اسلوب اللعب المعروف ب ( يقلب صن ) ان الارقام الضخمة التي حوتها ميزانية الخيرلهذا العام تستوجب وضع آليات صارمة وسياسات راشدة للاسثمار الامثل لتلك الموارد التي تعد قياسية في كل الاحوال . اتمنى ان يتم التعامل مع ميزانية هذا العام بشكل استثنائي يضمن تحقيق اقصى استفادة منها . وحبذا لو الزمت كل جهة بتقديم خطة صرف مغايرة لما قدمته خلال مناقشة الميزانية بحيث تكون الاولوية للجهات التي لديها مشاريع عملاقة تتطلب مبالغ ضخمة لتنفيذها على ان لايخل ذلك بالخطط والاستراتيجيات المسبقة لان ذلك سيمكن من اختصار الزمن وتحقيق اعلى درجات الاستفادة من المبالغ المالية . ثم انه يجب التعامل مع كافة الاجراءات المتعلقة بالتعامل مع هذا الوضع بكل صرامة ومحاسبة المقصر مهما كان وضعه , وعندها سنجد انفسنا وقد حققنا افضل المكاسب بدلا من التعامل مع الوضع وكأنه شيء روتيني ، والله من وراء القصد .