الأعين مفتوحة على الآخر ولكن العقل شارد في مكان آخر، هكذا تمرّ علينا بعض اللحظات، وهنا يكمن الخطر أو الخسارة أو العتب في بعض الأحيان، وفي الحالة المرورية يقول خبراء السلامة (Look with your eyes but see with your mind) أي أثناء قيادة السيارة على الإنسان أن ينظر بعينية ويُبصر بعقله، إذ الذهن الشارد قد يقود صاحبه إلى المهالك لهذا يوصي مدرّبو قيادة السيارات المتدربين على التركيز أثناء السياقه وعدم الانشغال عمّا يدور على الطريق فالحادث لا يحتاج من الزمن أكثر من ثوانٍ معدودة بل وفي بعض الأحيان أجزاء من الثانية لأن ردّة فعل الإنسان (المصحصح) تجاه أيّ طارئ تحتاج ليس أكثر من ثلاثة أرباع الثانية بمعنى من لحظة تلقي العينين مشهد الخطر إلى التصرّف المناسب، يمر الفرد بعمليات عدّة تنتقل فيها المعلومة عبر الأعصاب متناهية الدقة إلى الدماغ (مركز القيادة والسيطرة) ثم تحليلها فإعطاء الأوامر عبر الحبل الشوكي لأعصاب اليدين أو القدمين إما بالانحراف يميناً أو شمالاً أو الضغط على دواسة الفرامل أو غيرها من التصرفات الأخرى للابتعاد عن الخطر وكل هذه العملية المعقدة تحتاج حسب تقدير الخبراء إلى ثلاثة أرباع ثانية للشخص الطبيعي غير الواقع تحت تأثير الإجهاد أو الكحول أو المخدرات أو بعض أنواع الأدوية. من هنا لابد من سلامة الإبصار ووضوح الرؤية ثم الحضور التام للذهن إذ كيف يمكن لشخص التركيز اثناء القيادة وقد اندمج بكل حواسّه مع طرف آخر عبر الهاتف الجوّال؟؟ أعرف أشخاصاً قُتلوا في حوادث مرورية كان السبب الرئيس في وقوعها انشغالهم بالهاتف سواء أثناء البحث عن رقم الشخص المطلوب أو قراءة رسالة نصيّة أو الاندماج بالحديث ناهيك عن التوتر والخصام أثناء المحادثة وما يُسببه من ارتفاع ضغط السائق وانفلات أعصابه وهنا قد يُفرغ شحنات من غضبه على الآخرين أو قد يُؤثر سلباً في أسلوب قيادته مما يرفع من نسبة الفرص لوقوع الحادث في أيّ لحظة. أخيراً أقول إن التركيز والنظر بعين العقل أثناء قيادة السيارة يرفع درجات الحذر ويُعيد الإنسان إلى رُشده.