الذي يتتبع الأخبار هذه الأيام، يرى أننا نمر في مرحلةٍ يملؤها العنف. العنف أصبح هو السمة المميزة لهذه الحقبة الزمنية التي نعيشها منذ عقدين أو أقل أو أكثر، فالعنف أصبح يُسيطر على حياة المجتمعات. العنف أصبح ظاهرة ولم يعد مجرد حالاتٍ فردية مُتفرقة. لم يعد العنف فقط يقتصر على الأشخاص وإنما أصبحت المجتمعات عنيفة وحتى الدول أصبحت تتسم تعاملاتها بالعنف مع الدول الآخرى وحتى مع مواطنيها في بعض الدول. نُلقي نظرة سريعة على الفترة القريبة الماضية على العنف الأسري مثلاً نُلاحظ ونقرأ في وسائل الإعلام المكتوبة بأن هناك ازدياداً كبيراً في العنف الأسري، فهناك أطفال تعرضوا للعنف البدني حتى لفظوا أنفاسهم. قضية أطفال أبرياء في سنٍ صغيرة تعرضّوا للضرب المُبرح حتى الموت. في المملكة لأول مرة نرى هذه القضايا تصل إلى القضاء وقتل والد طفلة تم تعذيبها من قِبل والدها وزوجته حتى ماتت من التعذيب وكان القصاص هو الجزاء الرادع لمثل هذا العنف. حتى وإن كان الأب هو الذي قام بعمليات التعذيب البدني للطفلة فقد تم تطبيق الحد عليه بالقتل. بعض الناس استغربوا هذا الحكم على والد يقتل طفلته، ولكن هذا هو الجزاء المناسب لشخص يقتل طفلته البريئة، وهذا الأمر جداً عادل لفعل عنيف من هذا النوع. وفي هذا المجال بالنسبة للعنف العائلي، أصبح العالم يُعاني من ازدياد مضطرد ولافت للانتباه، ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية هناك طفل من بين كل أربعة أطفال يتعرض للعنف والاعتداء البدني أو الجنسي! وأن عمليات القتل تحدث في كل بضع دقائق في نيويورك. والذي يتأمل في العالم ويسمع أخبار العالم يرى كم أصبح العالم أكثر عنفاً. العنف في المدارس إن العُنف العائلي أصبح مشكلةً في العالم، وأصبحت هذه المشكلة تقام لها المؤتمرات العالمية وتُشارك فيها الدول ويبحث العلماء في مشاكل العنف الأسري التي أصبحت تُعاني منها المجتمعات دون استثناء. من الأمور الآخرى التي تُثير الحيرة وتتطلب التفكير هو العنف في المدارس، ففي مدينة الإسكندرية في جمهورية مصر العربية، قام مدرس بضرب تلميذ حتى توفي من الضربات التي تلقاها التلميذ من مدرسه، وبعدها بفترةٍ قصيرة، توفيت طفلة من الرعب عندما أوقفها المدرّس فتجمدت من الخوف وتوقفّ قلبها وانتقلت إلى رحمة الله. وقد أصبحت المدارس تُعاني من العنف سواءً كان العنف من المدرسين نحو الطلبة أو بين الطلبة بعضهم البعض. فقد شاهدنا على شاشات التلفزيون المذابح التي قام بها طلبة في الكليات والمدارس، بما في ذلك مدارس ابتدائية، حيث قام طلاب بقتل مجموعات من الطلبة والمدرسين، مما جعل المجتمع الأمريكي يُعاني من مشكلة العنف في المدارس وحتى عندنا في المملكة حدثت بعض المشاكل بين طلبة بعضهم ضد البعض، تدل على تفشي العنف في المجتمع أو مشاكل بين طلبة ومدرسين، ونُشر في بعض الصحف قبل فترة من الزمن مشاكل عنف بين طلبة وزملاء آخرين لهم حتى وصلت إلى القتل أو الإصابات البالغة. يسود الشوارع في قيادة السيارات أصبح العنف الآن يسود الشوارع، فالناس أصبحت عنيفة وتتعامل بعُنف مع الآخرين، فأقل خطأ قد يجعل سائقي بعض السيارات مستعدون لاستخدام العنف ضد من يقود السيارة إذا أخطأ بأمر بسيط، وقد وصلت الامور إلى أنه قد ينزل قائد سيارة لقتل قائد سيارة خلفه أزعجه بصوت المنبه! أو أن يتطارد قائدو السيارات متسببين في حوادث بشعة بسبب كلمةٍ قالها مراهق لرجل، فيُطارده الأخير، وربما هذا ما كان يرغب فيه المراهق ليكسر الملل ويبعث شيئاً مُثيراً يكسر روتين حياته ويخلق من مثل هذه الحوادث قصة يفخر بها بين رفاقه المراهقين مثله!. إن العنف أصبح أكثر حدةً وأكثر خطورةً في الحوادث الأكثر جديةً في من يفجرون أنفسهم في عمليات لقتل أشخاصٍ آخرين، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعاً. المشكلة أن بعض من يفعل هذه الأمور ويقوم بالعمليات التفجيرية قد يكون مريضاً نفسياً. فشخص مُصاباً بالاكتئاب مثلاً، لا يرغب في الحياة، يشعر بأن كل ما في الحياة لا يساوي شيئاً، وأن الحياة عبئاً عليه وأنه يسير في هذه الحياة بغير أن يشعر بأي سعادة، بل يشعر بأن الحياة كئيبة، قد يكون صيداً سهلاً للجماعات المسحلة من المخربين، خاصةً إذا تم استغلال الدين في غسيل دماغ هذا الشخص المُكتئب. فعندما يأتي شخص يبدو من مظهره أنه رجل صالح ويُراقب هذا الشاب المُكتئب، ويُحادثه عدة مرات حتى يسمع منه أعراض اكتئابه، فعندئذ يعرض عليه القيام بعلميات انتحارية وأن النتيجة تكون الجنة لأن العمل الذي يقوم به هو لخدمة الدين وهو عين الجهاد في سبيل الله. إن ما يحدث الآن من عمليات إنتحارية في العراق أو الدول الآخرى من عمليات انتحارية كثيراً ما يكون الشخص الذي يقوم بمثل هذه العمليات إما مريض نفسي، أو ضائق من الحياة أو شخص تحت تأثير الأدوية المخدرة أو المخدرات التي تجعله غير قادر على التصرف والحكم على الأمور بشكلٍ صحيح. والجميع يعرف أنه أثناء الحرب الأهلية اللبنانية كانت هناك جرائم وعنف بشع أثناء الحرب اللبنانية التي دامت خمسة عشر عاماً.. نعم لقد كانت هناك عمليات قتل وجرائم عنف لا يُصّدقها عقل، ولكن تم القيام بها تحت تأثير المخدرات التي كان زعماء المليشيات يوزعونها على مقاتليهم. وربما هذا مايحدث الآن في العراق وأفغانستان حيث يتم توزيع المخدرات على المقاتلين ليُصبحوا أكثر عنفاً. لقد شاهدتُ خلال برنامج تليفزيوني كيف أن المليشيات في العراق يحصلون على المخدرات التي تُهّرب من أفغانستان إلى إيران ثم تُنقل إلى العراق من إيران خلال مناطق معينة لتصل في النهاية إلى المقاتلين الذين يتعاطونها ليُصبحوا أكثر جرأة على القتال أو لتخدير من يُريدون منه أن يقوم بعمليات إنتحارية. إن المخدرات خطرٌ كبير على سلامة وأمن المجتمعات. فتفشي المخدرات يجعل المجتمعات أكثر عنفاً.. فمن يتعاطى المخدرات يُقدم على عنف يُصعب عليه تخيّله عندما يكون في حالته العقلية السليمة. إن المخدرات والاضطرابات النفسية المُحبطة لنفوس كثير من الأشخاص تجعلهم عرضة لأن يُصبحوا أكثر عنفاً، لذلك فإن حماية المجتمع من المخدرات وعلاج الاضطرابات النفسية والعقلية أمرٌ في غاية الأهمية لتقليل العنف والجرائم البشعة التي يرتكبها بعض الأشخاص من الذين يكونون غير قادرين على عمل مثل هذه الأمور لو كانوا في حالتهم العقلية والنفسية السليمة.